“أنا مجنون تلفزيون”، قالها سيمون أسمر قبل سنوات انسحابه شبه النهائي من المشهد التلفزيوني بداعي المرض، والتي ترافقت مع تراجع الإنتاج التلفزيوني في لبنان. رحل “مجنون التلفزيون” عن عمر جاوز الخامسة والسبعين، وكان ظهوره الأخير قبل أشهر في برنامج “ديو المشاهير” كعضو في لجنة التحكيم إلى جانب المؤلف الموسيقي أسامة الرحباني والإعلامية منى أبو حمزة، وكان ينتظر مشاهدة برنامجه “كأس النجوم” منفذاً على شاشة “أم تي في” بصيغة جديدة وإخراج جديد.
قبل الإخراج، تخصّص الأسمر في هندسة الصوت، كما عمل في فترات من عمره الفني المديد مُخرجاً في “الإذاعة اللبنانية”، ومدير برامج في إذاعة “ماجيك 102” بين العامين 1980 و1985 يوم فرط تلفزيون الدولة وتهجّرت قواه العاملة والمبدعة.
أما برنامج الأسمر الأكثر انتشاراً وتأثيراً في المشهد الفني فكان “استوديو الفن”، وقد شاهد اللبنانيون نسخته الأولى على شاشة “تلة الخياط” في العام 1972 وتوالت النسخ في سنوات ما قبل الحرب.
ومع انتقال الأسمر إلى بيته الثاني “أل بي سي” بات “استوديو الفن” أشبه بدورات منتظمة يفصل بين الواحدة والأخرى أربعة أعوام!
لُقب سيمون أسمر بـ”صانع النجوم ” وقد سيطر لأعوام على الحركة الفنية، حيث حظي نجومه بإطلالات مميزة في برامجه، ومن لم ينل رضى “الأستاذ” كان مشواره الفني صعباً إلى حد ما. كانت صباح الأقرب إليه ويتفاءل بها وغالباً ما كانت تحل ضيفة أولى في كل برامجه.
كان من عشّاق المهنة. ولطالما ردّد “إن لم تحب عملك ولم تتسلّ فلا تنتظر من المشاهد أن يحبّ ما تقدمه. العمل بمحبة أساس”. وفي آخر اتصال أجريناه مع الأسمر أثناء وجوده في المستشفى، سأل واستفسر عن برامج قيد الإعداد، وكأنه على وشك معاودة انخراطه في اللعبة الجميلة.
ورغم أن شهرته الكبرى كانت في مجال المنوعات، فقد تولى إخراج عدد من مسرحيات شوشو التلفزيونية، وكان الأسمر يطلب من معاونيه كتابة حوار شوشو على كرتونة ورفعها أمامه أثناء التصوير “لأن شوشو ما معو وقت يحفظ أدواره”.
في سجل سيمون أسمر أكثر من 100 برنامج، إعداداً وإخراجاً، وقليلون يعرفون أنّ سيمون أسمر اضطر لإخراج أولى نشرات الأخبار على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال لعدم وجود مخرج سواه في العام 1985!
أمس طوى المخرج المتميّز 50 عاماً من عشق المهنة… وهي فرصة كي يتبارى كثيرون في امتداح صفاته.