سرق انجاز الأمن العام الأضواء في لبنان، بانتظار ان تتضح الاشارات السياسية المفقودة حول جلسات مجلس الوزراء، حيث يتواصل تعقب ما يرشح عن التحقيقات الاولية مع الشيخ احمد الاسير، خصوصاً ان الامن العام نجح بتوقيف 77 ارهابيا من جنسيات مختلفة، بفعل الدور الذي اضطلع به في ملاحقة تلك المجموعات.
وإذا كانت المعلومات حول تفاصيل توقيف الأسير ما زالت غامضة، وسط تساؤل حول اذا كان فعلاً وقع في قبضة الامن العام نتيجة الرصد والمتابعة الامنية ام انه أُوقع به، فإن المعلومات تؤكد أن الأسير كان غادر عين الحلوة منذ فترة وأنه كان يتنقل في بعض مناطق صيدا ،وقد رصد ذات مرة في منطقة الشرحبيل بن حسنة وكاد يلقى القبض عليه الا انه فر قبل وقت قصير، وهو ما اعترف به للمحققين.
وتكشفت مصادر أمنية متابعة ،انه فور وصول الشيخ الأسير إلى مكان التوقيف طلب مقابلة اللواء عباس إبراهيم في محاولة منه لعقد صفقة تتضمن الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى النصرة وداعش مقابل إطلاق سراحه، مخاطبا المحققين «بإمكانكم القول إنكم اعتقلتم شبيهاً لي نتيجة معلومات أمنية خاطئ»، الا ان الجواب جاءه سريعا من المعنيين بان توقيفه نهائي ولا مجال لاي صفقة ، لتبدأ عندها التحقيقات، التي لا تزال حتى الساعة محصورة بالفترة الممتدة ما بعد احداث عبرا ، لجهة الاماكن التي اختبأ فيها، والمجموعات اللوجستية التي أدارت حركته داخل لبنان وأمنت له الوثائق المزورة ، والجهة التي اجرت له عملية التجميل ومكانها ، حيث الحديث عن طبيب سوري قدم الى لبنان ودخل مخيم عين حلوة كلاجئ هارب من اليرموك، كما تبين انه كان يحمل معه بطاقتيْ سفر إحداهما الى نيجيريا التي يرجح انه استخدمها للتمويه عن الوجهة الحقيقة التي كان يريد الانتقال اليها والتي ما زالت مجهولة ، ما دفع بالسلطات اللبنانية الى توجيه رسائل عاجلة الى الاجهزة المصرية المعنية طالبا توقيف بعض الاشخاص المرتبطين بالعملية والذين قد يحلون بعض الغاز القضية.
مصادر سياسية مطلعة رأت ان توقيف الاسير يشكل تطوراً بالغ الاهمية والايجابية على صورة الاجهزة الامنية اللبنانية تجاه الخارج في مجال مكافحة الارهاب، خاصة لرمزية مكان التوقيف وتحديداً في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي الذي سيساعد في ازالة الانطباعات السلبية السائدة عن الفلتان داخله ، وبالتالي ترسيخ الثقة الدولية بقدرة الأجهزة اللبنانية على ضبط العمليات التي تجري عبره، كاشفة أنّ المديرية العامّة للأمن العام تلقّت عبر القنوات الأمنية الرسمية كثيراً من الاتصالات والرسائل من عدد من الأجهزة العربية والغربية التي اهتمّت بتوقيف أحمد الأسير، لما للملف من بعد دولي، خصوصاً أنّه كان ينوي السفر إلى الخارج والانضمام الى مجموعة تحظى بملاحقة دولية.
ولاحظت الأوساط المعنية نفسها أن توقيف الأسير لم يثِر ما خشي منه كثيرون من تداعيات وردود فعل محتملة لا سيما على صعيد تحركات لجهات سلفية او متشددة في بعض المناطق التي تتعاطف مع الأسير او الجهات المتشددة في مخيم عين الحلوة او سواه، ما يعني عمليا نجاح القوى الامنية والعسكرية في الامساك الى حد كبير بالواقع الامني بعد تصفية تنظيم الأسير وما أعقبه من عمليات مكافحة للخلايا المسلحة المرتبطة بجهات سلفية، ما يصعب معه العودة الى الاهتزازات والاختراقات الأمنية بسهولة.
واذا كان الاطمئنان النسبي الى ان القبض على الاسير سيمر بهدوء، في ظل الاجراءات الامنية المشددة التي تم اتخاذها في كافة المناطق اللبنانية تحسباً لأي ردات فعل من أنصاره، فقد استبعدت الجهات الامنية حصول اي خضات باستثناء بعض التحركات، وسط معلومات عن ان كل مَن كان يرتبط بالشيخ الموقوف موضوع تحت مراقبة شديدة، رغم ان الخشية بقيت قائمة من تفاعلات هذا الملف على صعيد المجموعات المتطرفة والارهابية، وخصوصاً ان مناصري «داعش» واكبوا خبر التوقيف بإطلاق «هاشتاغ» عبر «تويتر» بعنوان »كلنا الشيخ احمد الاسير».
اما مخيم عين الحلوة، الذي تردّد كثيراً ان الأسير والفنان المعتزل فضل شاكر موجود فيه، فقد اكدت مصادر فلسطينية الى انه بعد الاعلان عن اعتقال الاسير، اختفى فضل شاكر عن الانظار في حي الطوارئ حيث يقيم، وتخفى في مكان ما زال مجهولا ، يعتقد انه جامع الصفصاف ، تحت حماية عناصر جند الشام وبلال بدر ، خوفا من عملية امنية لاعتقاله من داخل المخيم وتسليمه للدولة اللبنانية، مرجحة ان تطلب منه القوى الفلسطينية الخروج من المخيم ، والا سيرفع الغطاء عنه وسيطلب الى الاسلاميين تسليمه ، علما انه كما بات معروفا بأن شاكر كان ينوي تسليم نفسه للاجهزة الامنية اللبنانية قبل اشهر عدة ضمن صفقة كانت تقوم بها شخصية لبنانية خليجية مقابل اعطائه احكاما قضائية مخففة.
والسؤال المطروح ما تأثير اعتقاله على سير المحاكمات، وهل تعود الأمور إلى نقطة الصفر؟ والأهم ما المعلومات التي سيكشفها خلال التحقيق معه؟ وألا يعني ان القبض عليه انه سيتم كشف من دعم حركته معنويا ومن دعم حركته ماديا لتصل إلى ما وصلت إليه؟