Site icon IMLebanon

بين الـnight life والإستقرار الصلب

 

يتيح الممسكون بالقرار السياسي والعسكري في لبنان لمعظم اللبنانيين أن يعيشوا تلك الحياة التي يعيشها المواطنون في الدول التي هي في محور الممانعة، أي أنه يمكنك أن تأكل وتشرب وتسهر وتمارس أي عمل يومي وروتيني فتشعر وكأنك تعيش حياة طبيعية.

 

ولكنّ هؤلاء ينكرون عليك أن تفكّر في حاضر ومستقبل جيّد للبلد، فرسم هذا المستقبل هو من مهامهم ولا يجوز أن يكون مختلفاً عن مستقبل بقية دول المحور وإن حاولت أي جهة أو شخصية أن تفعل عكس ذلك، اتّهمت بالتآمر والعمالة وربّما وصل الأمر إلى حدّ «تحييدها». وما ينطبق في هذا المجال ينطبق أيضاً في مجال حرية الرأي والتعبير إذ لا يجوز أن تكون هناك آراء معارضة ومحاولة لتكوين رأي عام معارض فذلك يمسّ جوهر المشروع.

 

وانطلاقاً ممّا تقدم لن يتمكّن لبنان من أن يكون تلك الدولة الحديثة المستقرّة والتي تتمتع باقتصاد قويّ، وهذا ما سيدفع المزيد من اللبنانيين للفرار خارج هذا المعتقل الكبير فيلجأون إلى دولٍ تمارس الديمقراطية وتحترم الحريات السياسية وحرية التعبير عن الرأي وتتّخذ من الإستقرار قاعدةً للإزدهار الإقتصادي الذي يوفّر فرص العمل لأبنائها ولغيرهم من البارعين. هذا الواقع لا يدركه بعض اللبنانيين وبعضهم يغضّ الطرف عنه بسبب الخوف، وبعضهم الآخر يدركه ولكنه لا يرغب في مواجهته لغاياتٍ شخصيةٍ ولو كانت على حساب وجود المكوّن اللبناني الذي ينتمي إليه.

 

لقد تمكّن هؤلاء الممسكون بالبلد من تعميم سياسة الخوف والتخويف، فأضحى بعض السياسيين والصحافيين والناشطين وغيرهم يتحاشون استخدام تعابير وكلمات قد تثير غضب هؤلاء، ووصل الأمر إلى حدّ أنّ البعض يخشى القيام بأي نشاطٍ اجتماعيٍ أو فنيٍ أو غيره يفهمه الفريق الممانع على غير حقيقته، حتى أنّ بعض من يطلّون عبر الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا يخشون أيضاً أن يفهم ما يرتدونه خطأً فتشنّ عليهم وعلى غيرهم حملات التخوين والعمالة وهدر الدماء.

 

لقد أصبح لبنان في مكان آخر، مكان لا مكان فيه لمستقبل وتبدو العودة منه صعبة جداً إن لم تكن مستحيلةً، إن صورة لبنان الجميل لا تصنعها الـnight life ولا الطبيعة ولا إنفاق الأموال أينما كان، إن هذه الصورة الجميلة لا تكون حقيقةً إلا من خلال استقرار صلب يشكّل الدرع لحياة كل مواطن.