يرتقب أن تكون الأيام القليلة المقبلة منطلقاً أساسياً لدفع وترجمة ما جاء في البيان الوزاري من أقوال إلى أفعال، وإن كان وتاريخياً لم يسبق أن تمّ الالتزام أو نفّذ بيان وزاري بالكامل في كل الحكومات المتعاقبة، ولكن المرحلة الراهنة تتوجّب الالتزام بالوعود وانتشال البلد من الهاوية وتحديداً على المسارات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والمالية في ظل الظروف المزرية التي يمر بها لبنان، وفي هذا السياق ثمة معلومات وأجواء تؤشر إلى اجتماعات ولقاءات سيقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري مع الوزراء كافة لمناقشة خطط وزاراتهم وهذا النمط سيكون على مدار النهار بحيث ستعقد لقاءات ليلية في السراي بين رئيس الحكومة والوزراء وفريق عمله وكل وفق اختصاصه، إضافة إلى أجواء أخرى عن التحضير لجولة عربية ودولية سيقوم بها الحريري تتعلق بما تمخض عن مؤتمر «سيدر» إلى إمكانية دعم لبنان عبر مشاريع واستثمارات وهذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.
وفي هذا الإطار، عُلِم أيضاً أن المخاوف تكمن في بدء المعارضة للحكومة وخصوصاً الحراك المطلبي الذي بدأ منذ فترة من قبل الحزب الشيوعي اللبناني وأحزاب يسارية أخرى انضم إليهم مؤخراً الحزب القومي الذي لم يشارك في الحكومة الحالية لأول مرة منذ ما بعد الطائف، وهذه التظاهرات ستنطلق أسبوعياً مما يؤكد بأن هناك من يحركهم ويدعمهم، ولهذه الغاية ثمة تساؤلات عن دور حزب الله الذي له صلات وثيقة وتحالفية معهم وإن كان البعض من أوساط الحزب يؤكد أنه غير معني بها ولم يشارك بها وإن كان من يتظاهر هو حليفه وصديقه، لذا هذه التظاهرات والاحتجاجات لها واقع سلبي على خط انطلاقة الحكومة الحريرية خصوصاً بعد الثقة الكبيرة التي حازتها، كذلك هناك من لم يعطها الثقة إلا مشروطة وثمة من منحها الثقة ويشارك فيها ويعارض بعض سياساتها مثل اللقاء الديموقراطي مما يؤشر إلى أن المرحلة لن تكون في غاية السهولة إن على مستوى الحكومة أو على مستوى الوطني العام في ظل الأجواء غير المستقرة بين المكونات السياسية وفي سياق تباعد بعض الحلفاء مثل الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، في حين ينقل عن أوساط بيت الوسط بأن العلاقة مع التيار الوطني الحر هي في أفضل مراحلها، وأن رئيس الحكومة يقوم بالتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل وإن كان هناك خلاف سياسي مع حزب الله إلا أن العمل مع وزرائه في الحكومة جار على قدم وساق، وليس من أي مشكلة في التعاطي مع ملفات وزراتهم وفي أمور كثيرة.
من هذا المنطلق، هناك مرحلة ترقب لمئة يوم ليتبين خلالها كيفية التضامن الحكومي ضمن حكومة الوفاق الوطني وهل سيستمر هذا التضامن بين المشاركين في الحكومة أم أن هناك مشاكسات ومعارضة بانت معالمها مؤخراً وقد تتفاقم إذا استمرت الحالة على ما هي عليه من تباعد وخصوصاً بين الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط كذلك القلق من أن تتفاعل الاحتجاجات في الشارع، ولا سيما إذا كانت هناك من جهات تدعمها وتغذيها لا سيما وأن هذه الحالات ستكون لها تداعيات سلبية على صعيد المانحين والداعمين للبنان إلى ما أنتجه مؤتمر «سيدر»، وكذلك ما يحضر له رئيس الحكومة من خطوات على صعيد جولاته الخارجية، لذا الأسابيع المقبلة تعتبر في غاية الدقة، على اعتبار أنه وفي حال أخفقت الحكومة أو أصيبت بانقسامات، فذلك سيكون له العامل السلبي على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمالية، إضافة إلى أن المجتمع الدولي بدوره يراقب لبنان بدقة، وهذا ما يؤكده السفراء والموفدين الذين يأتون إلى لبنان، لذلك البلد لا يحتمل أي انقسامات إضافية أو احتجاجات على اعتبار أن الحكومة في بدايتها ومن غير المنطق الحكم عليها في هذه المرحلة بل يجب إعطائها فترة سماح كي تعمل خصوصاً أن هناك نوايا للعمل وإن كانت كل الاحتمالات واردة في هذه الظروف الاستثنائية.