Site icon IMLebanon

كابوس روسيا

لم يطلّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الا الاثنين ليتحدث عن كارثة الطائرة الروسية التي سقطت أو أسقطت في سيناء. طوال يومين كثرت التساؤلات في روسيا عن مكان “القيصر” الذي تحظى كل خطوة له، كبيرة كانت أم صغيرة، بتغطية اعلامية واسعة .غيابه عن التعليق بالصوت والصورة على تطور كهذا أثار علامات استفهام وتعجب كثيرة زادت الغموض الذي يكتنف الحادث المأسوي.

اعلان “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم “الدولة الاسلامية” اسقاطها الطائرة بصاروخ يثير هواجس خاصة لروسيا.فموسكو التي واجهت تهديداً اسلامياً في الشيشان وشمال القوقاز، أخذت على عاتقها تحدياً جديداً وخطيراً بتدخلها في الحرب السورية الى جانب النظام السوري. فمذذاك، حدد الفرع السوري لـ”القاعدة” القوات الروسية والمدنيين الروس هدفاً شرعياً لهجماته. زعيمه أبو محمد الجولاني ناشد مناصريه في القوقاز “الهاء” موسكو عن مهمتها.وفي اليوم نفسه، استهدفت قذائف هاون السفارة الروسية في دمشق.

ومن البديهي أن يكون لادعاء “ولاية سيناء” أثر واضح حول العالم عموماً، وفي روسيا خصوصاً. فوسط التخبط الاعلامي في التعامل مع هذا البيان، ألغت شركات طيران عالمية رحلاتها فوق سيناء. ونصحت السفارة الاميركية في القاهرة رعاياها بالابتعاد عن المنطقة. وبدا لمحللين أن التزام بوتين الصمت دليل على أنه يملك معلومات عن ان سبب الحادث أكثر من مجرد عطل تقني.

لعلها ليست معلومات محددة هي التي أخرت اطلالة بوتين.دعوته الاثنين في شريط فيديو بثه الكرملين، الى “صورة موضوعية” لما حصل، اشارة الى أنه لا تزال ثمة شكوك في السبب الحقيقي لانشطار الطائرة في الجو. لكن الرجل الذي حولته معركته ضد المتشددين الاسلاميين من عميل “الكي جي بي” الى رجل روسيا القوي، يدرك تماماً أن أعداءه كثر، وأن مغامرته السورية زادتهم بالتأكيد.

في الحرب الطائفية المستعرة في سوريا، طوّر بوتين الدور الروسي السياسي الداعم للنظام السوري الى دور عسكري مباشر في صف فريق ضد آخر وطائفة ضد أخرى، محوّلاً روسيا هدفاً لمقاتلين بينه وبينهم عداء قديم وكبير. وفيما لا تزال أعباء هذه الحرب محدودة على الاقتصاد الروسي المنهك بالعقوبات وتدني أسعار النفط، قد تزيد تكاليفها تلقائياً اذا اضطرت موسكو الى زيادة التزاماتها في هذه الحرب والنزول الى “بر” المستنقع السوري.

لا شك في أن بيان “امارة سيناء” يزيد الضغط على بوتين، حتى وإن تبين لاحقا أنه غير صحيح. فسيناريو العمليات الانتقامية ضد الروس كان متداولاً منذ انتقال روسيا الى القتال في سوريا. ولعلّه صار أكثر شيوعاً بعد ما تبين أن موسكو التي جاءت لمحاربة “الدولة الاسلامية” شكلياً، تقصف المجموعات التي تقاتل قوات النظام السوري أكثر منها “الدولة الاسلامية”.