IMLebanon

ليالي البقاع الحزينة

لا يشك أحد في ان صقيع البقاع الذي بدأ يطل مع الشتاء الواعد بخيرات السماء سيقترن من دون أي تهويل بلهيب الحرب السورية التي ظن البقاعيون انها ستبتعد عنهم عندما توغل “حزب الله” في السهول التي تمتد فوقها بلدة القصير التي كانت موطنا لعشرات الالوف من السكان. لكن غالبيتهم العظمى صاروا مشردين كما صاروا مقاتلين في سلسلة الجبال الشرقية حيث يصارعون الحزب والجيش السوري معا. وأستطاعوا أخيرا ان يدخلوا الاراضي اللبنانية عبر مرتفعات بريتال التي كانت ملاذا للفارين اللبنانيين من وجه العدالة. ولفترة طويلة كان “حزب الله” يعتبر هذه المنطقة خارجة عن سيطرته بسبب سيطرة العشائر عليها. لكن فجأة أكتشف الجميع ان هذه المرتفعات مقر ثابت لـ17 مركزا عسكريا وقرابة 28 مربضا مدفعيا للحزب.وهذا ما يطرح الاسئلة حول تمنع الحزب سابقا عن التعاون مع الدولة في مطاردة الخارجين عن القانون عندما كانوا يقصدون تلك المرتفعات.

يقول الحزب ان المقاتلين السوريين الذين يشتبك معهم في السلسلة الشرقية ينوون التقدم الى داخل البقاع فرارا من صقيع المرتفعات الذي سيشتد مع الشتاء القادم. ليس هناك ما يثبت هذه الفرضية.لا بل هناك فرضية أخرى تدل على ان المقاتلين السوريين ليسوا بحاجة الى دفء فنادق شتورا ودعة مطاعم زحلة بل هم أعدوا أنفسهم للبقاء في المرتفعات بكل ما يحتاجون اليه. وتثبت عملية التوغل الاخيرة في مرتفعات بريتال هذه الفرضية. فكان أن مارسوا ما سبق ان فعله “حزب الله” ايام القتال ضد الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب فقاموا بأقتحام مراكزه وغنموا منها والتقطوا الصور التذكارية وعادوا الى قواعدهم.

من الامور التي مرت مرور الكرام في الايام الماضية ما تردد إعلاميا عن وجود أكثر من 50 في المئة من ترسانة “حزب الله” الصاروخية في مرتفعات السلسلة الشرقية. هذا معطى مثير للقلق للحزب عندما رأى ان ثروته الصاروخية صارت هدفا لخصومه السوريين. رب قائل ان عملية الحزب في شبعا أخيرا تشير الى صلة ما بترسانة الصواريخ هذه وذلك إنطلاقا من ثلاث فرضيات: الاولى، ان الحزب يشك في ان اسرائيل التي تملك قدرة إستخباراتية قد سربت بطريقة ما الى المعارضة السورية هذا المعطى العسكري فعمد الى تذكير اسرائيل ان ذراعه العسكرية لا تزال فاعلة على الجبهة الجنوبية. والثانية، ان الحزب لا يرى ان خصومه السوريين قد أدركوا هذه المعطيات عن مخزونه الصاروخي فأراد تشتيت الانتباه بالتوجه جنوبا. والثالثة ان الحزب أراد جس نبض اسرائيل فإذا ما اندفعت الى الرد خرج الى إتهام الدولة العبرية بالتحالف مع التطرف السني ليجني من ذلك مكاسب سياسية. لكن شيئا لم يحصل وعلى الارجح لن يحصل.

ان صعود الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى البقاع لطمأنة أهله مما تخبئه حرب السلسلة الشرقية أمر مفهوم. لكن إستمرار الحزب يقول ان قلق البقاعيين مفهوم أيضا. انها الحرب التي طردها الحزب من شباك القصير عادت اليوم من بوابة السلسلة الشرقية.انها ليالي الشتاء البقاعية الحزينة ويا للاسف.