Site icon IMLebanon

المشنوق يغادر ساحة النجمة: البرلمان ليس مصدر السلطات

 

لو لم يتضمّن عبارة «العزوف»، لأمكن اعتبار بيان النائب نهاد المشنوق بيان ترشح الى الانتخابات النيابية وليس العكس. لكنّ نائب بيروت فضّل الا يدخل معتركاً بات الربح فيه مماثلاً للخسارة، طالما لا قدرة على التغيير ولو بالتسويات.

 

منذ مدة بعيدة، وضع المشنوق موضوع الترشح للنيابة قيد الدرس، شرّحه بتفاصيله، من الناحية السياسية والاحصاءات وصولاً الى الترشيحات والتحالفات. فوجد أنّ مشهد المدينة تغيّر في السياسة كثيراً، وبات مرشحوها كلهم في أزمة وعاجزين عن تشكيل لوائح مكتملة. انسحب الرئيس سعد الحريري وعلّق مشاركته وتياره في الانتخابات. فهرول كثر ليحاولوا ملء الفراغ. بعضهم يوحي بإمكانية خوض المعترك في سبيل استكمال مسيرة النضال، لكنّ «تيار المستقبل» سيكون لهم جميعاً بالمرصاد وسيخوض حرباً بلا هوداة ضدهم. أما المشنوق فمعركته ليست هنا. ورغم خلافه السياسي العلني مع الحريري، حافظ في الجانب الشخصي على أدبيات العلاقة وبقي وفياً للوالد الشهيد رفيق الحريري، يتقصّد ذكره ويغرف من معينه أينما حلّ وكيفما تحدّث.

 

في قلب العاصمة لم يعد مفيداً الرهان على أيّ جهة. حتى الرهان الخارجي لم يعد ينفع بعدما غادرت السعودية مربع لبنان. صديق المصريين لاحظ لا شك استحالة عودة لبنان الى الحضن العربي قريباً، فتلقف الرسالة من دون مرسل، وآثر الابتعاد عن مجلس النواب وفي ظنه انه سيكون اقرب الى ساحة النجمة، قلب بيروت النابض التي عاهدها على النضال من أجلها.

 

«لعبها» المشنوق «صحّ». لم يرتضِ أن يتحول دوره كنائب الى مجرد معقب معاملات بينما القرار المتحكم بمفاصل اللعبة السياسية لم يعد بيد مجلس النواب برمته. إنّه «زمن حسّان»، قال في بيان العزوف الصادر يوم الثلاثاء الفائت، في تكرار لموقف يعتبر أنّ التعافي في البلد بات مستحيلاً في ظلّ «الاحتلال السياسي الإيراني».

 

القصّة بالنسبة للمشنوق لم تعد تتوقف على نائب بالزائد او آخر بالناقص، لان اللعبة مقفلة ولا إمكانية للتغيير، بحسب البيان، بعدما «انحدر النظام من الطائف في عهد رفيق الحريري إلى الثلث المعطّل في الدوحة مع سعد الحريري، ثم التسويات بوجه التعطيل». والدليل يجده المشنوق في الفوز بالانتخابات في 2005 و2009 من دون القدرة على الحكم. وبالتالي يعتبر أنّ مجلس النواب ما عاد يحكم، والشعب لم يعد مصدر السلطات، بل السلاح. اللعبة انتهت. انتخابات بيروت هذه الدورة ستكون خالية من الحريري وتمام سلام ونهاد المشنوق. «أغلقت مدينتي بابها»، هو لسان حالهم.

 

يأمل المشنوق ان تشكل الانتخابات «فرصة للتغيير» ويتمسك بهذا الامل «على الرغم من كلّ الشواهد التي تؤكّد أنّنا عالقون في مستنقع سياسي واقتصادي وأمني وعسكري، مهمّته تبديد كلّ الآمال واغتيال كلّ الأحلام»، وفي رأيه أن «لا قيامة لوطن في ظلّ السلاح غير الشرعي وفي ظلّ الاحتلال الإيراني للقرارين السياسي والعسكري. ولن يحين زمن السلم والازدهار والعلاقات اللبنانية العربية السليمة في زمن «حسّان»… هنا كانت المشكلة وهنا ستظلّ إلى حين الوصول إلى تفاهم وطني حقيقي حول أيّ لبنان نريد».

 

«لقد قلتُ للبيارتة في انتخابات العام 2018 إنّ تصويتكم هدفه تحرير المدينة من الاحتلال السياسي الإيراني. بصراحة نتائج التصويت كانت باهتة. لنرَ الآن بعد تحرّرهم من كلّ المرشّحين السابقين تقريباً، ماذا سيفعلون»، هذا ما قاله المشنوق لـ»نداء الوطن».

 

كما ضمّن المشنوق ملاحظاته في بيان لم يأتِ في سياقه على ذكر الحريري الابن، ولو أنّه ألمح ضمناً إلى فشل رهاناته المتكررة على تسوياتٍ لم تُؤتِ أكْلها، ملتحقاً بصفوف ثورة 17 تشرين ومانحاً «الشباب الحقّ في أن يأخذوا الفرصة بحثاً عن ثوبهم الجديد».

 

إلى قواعده الإعلامية عاد المشنوق سالماً، للعمل على توسعة مشروعه الاعلامي، «أساس ميديا»، عربياً ومحلياً، ليستكمل معاركه السياسية «بالكلمة والموقف معاً». لعبها صحّ «أبو صالح» بالتأكيد، وذهب بمواقفه بعيداً حتى صعبت خياراته.

 

يحتاج الآن إلى ترتيب أوراقه وتحديد الأولويات، وأبرزها: «سأظل جندياً في معركة الدفاع عن بيروت التنوّع. بيروت لذاتها. وبيروت بما هي لبنان، بمعانيه النبيلة والأصيلة».