Site icon IMLebanon

نهاد المشنوق.. الباب المفتوح  

من الإنصاف التوقّف عند الاجتزاء الذي تعرّضت له كلمة وزير الداخليّة نهاد المشنوق في في إفطار جمعية خريجي المقاصد الاسلامية في بيروت، وانفلات عقال «ما غيرهم» على مواقع التواصل الإجتماعي مستهدفين الرّجل تحت عنوان «أبناء بيروت في الوظائف العامّة»، بالطبع لن تكون المرّة الأولى ولا الأخيرة التي يتعرّض فيها نهاد المشنوق للاستهداف، أساساً هناك حملة منظّمة على مواقع التواصل الإجتماعي تستهدف الرئيس سعد الحريري ولغايات غرائزيّة إنتخابيّة بحتة، ولأنّ كتفا نهاد المشنوق عريضتان تُلقى عليهما الكثير من الأحمال والمضحك المبكي في هذه «المناحة» على بيروت وأبنائها أنّ المنغمسين فيها بعضهم يعيش «في آخر معمّر الله» ولم يخدم بيروت وأبنائها بـ»قشّة» ومع هذا يترشّح عن بيروت «من منازلهم»، متجاهلين أنّ من يحاولون إثارة الغبار حول مواقفه الواضحة هو صقر بيروت   نهاد المشنوق وابنها البارّ وابن بيوتاتها العريقة وأنّه «أَنا الصَّقْرُ الذي حُدِّثْتَ عَنْهُ/ عتاقُ الطيرِ تنجدلُ انجدالا»…

من تواضع نهاد المشنوق الجمّ في إفطار جمعية متخرّجي المقاصد قوله «ما أحسنتُ القيام به هو ما تعلّمتُهُ من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما أخطأتُ به هو ما تعلّمتُهُ من نفسي»، ومن المحزن أن يُصرف انتباه أبناء بيروت لغرائز انتخابيّة بحجّة الدفاع عن حصّتهم من وظائف الدولة، وأن تتمّ التعمية على أهميّة ما تناوله المشنوق حول قانون الانتخاب «العاقل إنما غير العادل في بلد مركّب مثل لبنان»، أو أهميّة ودقّة ما تحدّث عنه في موضوع الاعتدال في زمن التطرّف والإرهاب وتوصيفه لـ»السياسة المعتدلة القائمة على تسويات عاقلة وهادئة ومسؤولة، وإن لم تكن عادلة بالمطلق من وجهة نظرنا. فبهذه السياسة نحفظ أنفسنا وبيئتنا وأهلنا وحتّى مراكزنا المسؤولة، إلى أن تنجلي الصورة في المنطقة ونحدّد فعلا ما نستحقّه في نظامنا السياسي»، أو التغاضي عن حديثه عمّا يتوجّب علينا في هذا المشهد العبثي في المنطقة «علينا ألا ننفعل ونحن نرى القصف الروسي على منطقة تبعد مسافة نصف ساعة بالسيارة عن منطقة أخرى يقصفها الطيران الأميركي. أمام هذا المشهد ليس لنا غير الاعتدال سياسةً من دون أن نتنازل عن الثوابت».

من المؤسف أن ينشغل من يثيرون الغرائز الانتخابيّة البيروتيّة بالتحريض على وزير بيروت ونائبها نهاد المشنوق، فيما الرّجل وضع إصبعه على مكمن الخلل وفتح الباب لأبناء بيروت لفهم مكمن الخلل في قدرتهم على اجتياز امتحانات مجلس الخدمة المدنيّة، قديماً كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يقول: «رَحِمَ اللهُ امرءاً أهدى إلي عيوبي»، والمشنوق وضع إصبعاً على ما ينقص الكفاءات البيروتيّة عندما أشار أنّه «لا بدّ لهؤلاء الشباب أن يخضعوا لفترة تدريب دراسية تؤهّلهم للدخول إلى الإدارة، وهو ما عمل عليه تيار المستقبل جاهداً حتّى الماضي القريب، وجزء ولو يسير من مؤسسات أخرى مثل مؤسسة المخزومي. ويجب استعادة هذه الدورات من جميع المعنيين وأوّلهم تيار المستقبل، وهو ما نسعى إلى تحقيقه خلال فترة وجيزة».

واسمحوا لنا هنا لأنّنا [وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم/ وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ (السموأل)ٍ]، على من يحبّ بيروت وأبنائها أن يدلّهم على الطريق لا أن يستدرج غرائز إنتخابيّة ليس إلا، لأنّ أبناء بيروت أهل الاعتدال والتسويات العاقلة والبيوتات الكريمة لا ينتخبون بغرائزهم، ومن يريد أن يمثّل بيروت وأبنائها أن يكون بابه مفتوح وصدره واسع وعقله رزين و»آدمي» كنهاد المشنوق، ونقطة على السطر.

يعرف نهاد المشنوق أكثر من سواه كم مرّة ردّد الرئيس الراحل رفيق الحريري ذاك البيت الشهير من لاميّة الأخلاق والحِكَم لابن الوردي «إنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ/ ولـيَ الأحكامَ هذا إن عَدَلْ»، وحاله في التجنّي عليه واجتزاء كلامه والافتئات على ما يقوم به من مهامّ جسام في هذه المرحلة الدقيقة والعصيبة من تاريخ لبنان والمنطقة حال عداوة لا تُرْجى مودّتها، رَحِم الله الإمام الشافعيّ يوم قال «كُلّ العداوة قد تُرجى مودّتُها/ إلا عداوةُ من عاداك عن حَسَدِ» والسّلام.