يصادف اليوم ذكرى اغتيال الإعلامي الكبير جبران تويني، وتحية لشجاعته أكتب هذا المقال.
إنّ من يعطل انتخاب رئيس للجمهورية ينتظر اغتيالات أو أحداثاً أمنية تأتي الإنتخابات على أساسها، وهذا الكلام الواقعي الوحيد ويعرفه كلّ اللبنانيين منذ الاستقلال حتى الآن. فعند كلّ استحقاق أو مرحلة جديدة تُغتال شخصية أو تقع أحداث أمنية وتُسال الدماء، وعلى هذا الأساس يتصرف الآن كلّ الذين يمنعون انتخاب رئيس للبلاد.
جاء انتخاب كميل شمعون بعد اغتيال رياض الصلح. وجاء انتخاب فؤاد شهاب بعد اغتيال نسيب المتني وأحداث ٥٨. وجاء انتخاب شارل الحلو بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة والانفصال، وانتخاب سليمان فرنجية بعد الأحداث الأمنية مع الفلسطينيّين واتفاق القاهرة، والياس سركيس بعد حرب السنتين، وبشير الجميل بعد اجتياح لبنان، وأمين الجميل بعد اغتيال بشير. وانتخب رينيه معوض بعد حرب الإلغاء والتحرير، والياس الهراوي بعد اغتيال رينيه معوض. وانتخب أميل لحود بعد حرب عناقيد الغضب وتفاهم نيسان، وتسبّب التمديد له في محاولة اغتيال مروان حماده، ثم اغتيال رفيق الحريري. وانتخب ميشال سليمان على أنقاض نهر البارد وأحداث 7 أيار واغتيال فرنسوا الحاج.
والآن من حقّنا أن نسأل ما هو جديد القادة الكرام من الاغتيالات؟ اذ يراهن كلّ واحد منهم على اغتيال ما أو حرب ما أو حدث أمني مريب يؤمّن وصوله إلى الرئاسة على حساب دماء عموم اللبنانيين، وهذه قاعدة وليست إستثناء..
الاغتيالات أيضا كانت مرافقة للتحوّلات والحقبات، فإغتيال كمال جنبلاط كان بداية مرحلة جديدة، وكذلك اختفاء موسى الصدر، وأيضاً اغتيال رشيد كرامي، وكذلك اغتيال حسن خالد، ثم اغتيال عباس الموسوي، مع سيل من الاغتيالات والتحولات من صبحي الصالح إلى حليم تقي الدين وأحمد عساف وسليم اللوزي ورياض طه وناظم القادري ومحمد شقير، وأيضاً اغتيال معروف سعد وطوني فرنجية وداني شمعون وإيلي حبيقة، بالإضافة إلى ملحمة الاغتيالات التي طالت رفيق الحريري ورفاقه ومن تلاها من باسل فليحان إلى سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وأنطوان غانم ووليد عيدو ونجله خالد وبيار الجميل ووسام عيد ووسام الحسن ومحمد شطح، بالإضافة إلى كلّ محاولات الاغتيالات..
أمام كلّ هذه الحقائق الدقيقة جداً لا بدّ أن أتوجّه إلى صديقيّ العزيزين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل أشرف ريفي وأدعوهما الى الاستقالة، لأنّ المهمة التي أوكلت إليهما كانت حفظ الاستقرار اللبناني في مرحلةٍ تعاظم فيها الحريق السوري، وخصوصاً مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين. لذلك أعطي سعد الحريري وزارة الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية، وكلها وزارات مرتبطة مباشرة باللجوء السوري الى لبنان. وذلك اللجوء هو الذي تسبّب بتخلي نجيب ميقاتي عن مسؤولياته لأنّه لم يكن قادراً على ضبط بيئة اللجوء السوري حتى في طرابلس، فيما نجح نهاد وأشرف في هذه المهمة الوطنية رغم اختلاف الخلفية والأداء، وشَهِد لبنان شيئاً من الهدوء والاستقرار بفضلهما..
أما لماذا أدعوهما الى الاستقالة فلأنّ لبنان خرج من الثلاجة ودخل في حماوة التسويات والتي قد تتسبّب باغتيال كبير أو أحداث أمنية كبيرة، وهم ليسوا مسؤولين عنها وغير قادرين على ردعها أو تحديد أهدافها القادمة، لأنّ العبقرية اللبنانية لم تكن يوماً على مستوى عبقرية من يختار الشخصيات المرشحة للاغتيال. لذلك أعتقد أنّ أكبر الخائفين الآن هم الذين مارسوا الإغتيالات سابقاً. ولذلك أقول الى نهاد وأشرف: استقيلا قبل اغتيال هذا الزعيم أو ذاك!