انها واحدة من أروع العمليات الإنتخابية التي شهدها لبنان في تاريخه قاطبة… وهي أقل سلبيات من أي إنتخابات نيابية أو بلدية سابقة. ولقد أثبت نهاد المشنوق أنه لها. أثبت أن الدولة إذا أرادت فعلت. فالمهم أن يتوافر فعل الإرادة قبل فعل الفعل!
ديموقراطياً كان المشهد، وبامتياز.
ولعلّنا البلد الوحيد (أو بين قلّة نادرة) من بلدان العالم الثالث التي يقف فيها المواطن العادي فيقول أنه إنتخب لهذا الفريق أو لذاك من دون أن يخاف أن »يشدّوه« الى التوقيف!
بل نحن البلد الوحيد في العالم الثالث الذي لا يكون فيه للسلطة مرشحوها. إنما هو تنافس بين أحزاب وقوى وعائلات وفاعليات. ومن يملك الأكثرية يقطف الفوز.
وعلى سيرة الفوز الذي له ألف أب وأب بينما الخسارة يتيمة لا أب لها، فإنّ كثراً سيحتفلون بفوزهم أفراداً أو أحزاباً أو هيئات. وهذا حقهم. إلاّ أننا نود أن نصنّف الفائزين وفق إقتناعنا الآتي:
أول الفائزين هو المواطن الذي توجه الى قلم الإقتراع وأودع الصندوقة ورقة بمرشحه أو بمرشحيه الذين إختارهم بملء حريته ووفق إقتناعه سواء أكان هذا الإقتناع سياسياً، مبدئياً أم حزبياً أم عائلياً أم حتى مادياً. وهو فائز سيان أن كان مرشحه قد ربح أو خسر.
ثاني الفائزين هم المرشحون الذين خاضوا المعركة الإنتخابية وأعدّوا لها إعداداً متواصلاً. وطبيعي أن بينهم الفائز والخاسر، ولولا الخاسرون لما كانت هناك منافسة التي لا طعم ولا رائحة ولا لون للعملية الإنتخابية من دونها.
ثالث الفائزين القوى العسكرية والأمنية التي كان حضورها مميزاً وفاعلاً، فضبطت الأوضاع ووفرت الأمن والطمأنينة للمرشح وللناخب على حد سواء.
رابع الفائزين المجتمع المدني الذي كان له حضور فاعل بقدر أو بآخر لأول مرة في مسار العمليات الإنتخابية في لبنان.
خامس الفائزين (والإنصاف يقتضي أن يكون أولهم وفي الطليعة) هو الوزير نهاد المشنوق الذي حقق عملية إنتخابية نموذجية ليست نتائجها أهم ما فيها، بل اجراؤها أصلاً هو الأهم.
فعلاً لا يزال هذا الوزير المقدام يعطي مثالاً ساطعاً على أنه في صلب السياسة ولكنه خارج طبقتها. وهو يستحق ليس فقط التهنئة بل الشكر. وكم كان بليغاً عندما قال، أمس، ومن بعلبك بالذات، ان العرس الكبير سيكون بانتخاب رئيس للجمهورية. ونضيف: وأيضاً بالإنتخابات النيابية العامة.
ونستخلص من الحدث الوطني الكبير أمس ما بات معروفاً بوضوح وحسم وهو أنه لم يعد ثمة مبرّر لتأجيل الإنتخابات النيابية، بل اننا ندعو الى أن يبادر »سيّد نفسه« الى حلّ نفسه بنفسه كما مدّد لنفسه مرتين لتجرى الإنتخابات النيابية »الآن الآن وليس غداً« (من دون التغاضي لحظة عن ضرورة إجراء الإستحقاق الرئاسي في أي لحظة).
وبعد، هل فاتنا أن نقول إن هناك منتصراً أكبر هو لبنان؟!