1 ـ في الوقت الذي كانت مواقف الرئيس سعد الحريري التي أطلقها ليل الخميس الماضي وإعلانه قبول الحوار مع حزب الله من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين ونزعاً لأخطر احتقانٍ مذهبيّ سُنيّ ـ شيعي يواجهه لبنان منذ نهاية الحرب الأهليّة حتى لا تنزلق البلاد في أتون ما يحدث في العراق واليمن وسوريا والبحرين بفضل «جهود» حزب الله الإيراني، طرأت بالأمس لحظة خطيرة حجبت مواقف الرئيس الحريري وكأنها «لحظة مدروسة» سعت لقطع الطريق على ما طرحه عبر افتعال «مواجهة» بين أهالي العسكريين الرهائن في قبضة الإرهابيين وبين المواطنين اللبنانيين، أحدٌ ما أراد اندلاع عراكٍ شعبيّ لإفقاد قضية العسكريين الرهائن «أهميتها» عند كلّ مواطن لبناني، وسواءً كانت جبهة النصرة وراء هذا المخطّط أو سواها، فإنّ «صاحب المعالي» وزير الداخليّة نهاد المشنوق ـ بالإذن من البك وليد جنبلاط ـ أحبط بالأمس هذا المخطّط الخطير والدنيء بمنتهى الحكمة والجرأة، وأنّ ما نفذّته قوى الأمن الداخلي لفتح طريق «الصيفي» المقطوعة وهي شريانٌ حيوي يربط وسط بيروت بالمناطق المسيحيّة تحديداً، وهنا بيت القصيد، تأجيج صراع طائفي شعبيّ يدخل البلد في مرحلة خطيرة جداً…
وللأسف لم توفّر «جبهة النصرة» جهداً لإعادة تفجير «فتنة شعبيّة» فسارعت بعيد ظهر أمس إلى نشر صور الجندي علي البزّال والسكين على رقبته وأمرت أهالي العسكريين الرهائن بقطع الطريق مجدداً والضغط لإطلاق سراح «الأخت المسلمة» جمانة حميّد… و»بدّن ما يواخذنا» الذين أصيبوا بالعماء بالأمس ولم يدركوا خطورة ما يقوم به أهالي الجنود المخطوفين تحت وطأة خوفهم من قتل أبنائهم، وهذا الخوف كلّنا شركاؤهم فيه!!
وما نستغربه وبشدّة، هو ترك قيادة الجيش وهي المعنيّ الأول مع الدولة اللبنانيّة «أهالي العسكريين» عُرضة للعبة ابتزازٍ خطيرة قد توقد فتنة في لبنان، على الأقل كان على قيادة الجيش أن تتّخذ كلّ الإجراءات اللازمة لمنع تحوّل هؤلاء الأهالي أيضاً رهينة عند جبهة النصرة أو داعش وأن تقطع أي محاولة اتصال بهم بهم لابتزازهم، ونتساءل: ماذا لو طلبت غداً جبهة النصرة من أهالي العسكريين أن يقطعوا طريق وزارة الدفاع أو اليرزة؟! كيف ستتصرف القيادة عندئذٍ؟!
وهنا لا بُدّ لنا من التوقّف عند «حديث التوترة» وليد بك جنبلاط والدولة الـ «فاقدة أعصابها»، لأنه لا بدّ لنا من تذكيره هنا بـ»أعصابه» في عين عطا والهجوم على المسجد وشتم النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم، ألم يفقد البك أعصابه ودار وجال خوفاً من «فتنة «سُنيّة ـ درزيّة»، ألم يبذل جهوداً جبارة لإبعاد أهالي العسكريين عن قطع ضهر البيدر لخوفه من حزب الله وطريق البقاع والجبل المقطوعة فأوعز إليهم بالانتقال إلى ساحة «رياض الصلح»…
وربما علينا أن نذكّر البك بأن فقده لأعصابه في 3 أيار العام 2008 كلّفنا 7 أيار، وأن خوفه و»فقده أعصابه» وظنّه أن المحور الإيراني ربح المعركة، كلّفه الحنين إلى دمشق، وإرغامه على الاعتذار عن شاشة غسان بن جدو ـ أيام الجزيرة ـ وألم يكلّفه فقده أعصابه أن يدخل بيت طاعة حزب الله، لماذا يحقّ لك يا حضرة البك أن تنقلب مئات المرات على لبنان وشعبه من أجل ما ترى فيه مصلحتك ومصلحة طائفتك، ثمّ تبيح لنفسك أن تصبّ الزيت على نار فتنة شعبيّة لو اندلعت بالأمس لكانت وضعت المواطنين في وجه بعضهم البعض ولكانت قضيّة العسكريين اللبنانيين أصبحت موضع انقسام في تأييدها! ثمّ نسأل وليد بك جنبلاط: لو طلبت غداً جبهة النصرة من أهالي العسكريين أن يقطعوا طريق كليمنصو ويحاصروا منزل وليد جنبلاط أو أن يقطعوا طريق المختارة هل كنتَ أنت والطائفة الدرزيّة الكريمة ستقفون تتفرجون، أم ستفتحون الطريق بأيديكم وبطرق غير سلميّة ولو كان أهالي العسكريين لا يضعون على صدورهم سوى قميص؟!
لا نعرف من اقترح على وليد جنبلاط فكرة الإنضمام إلى «تويتر» و»التغريد» في التوقيت الخاطئ، هي فكرة سديدة أبداً فالبك معروف باندفاعه وسقوفه العالية وتقلباته، يا ليته فكّر قليلاً وقال كلمة حقّ بالأمس وتصرف كرجل دولة لحماية المواطنين وأهالي العسكريين من «فتنة» كانت لتقطّع أوصال الشارع اللبناني وتحوّله بحر دماء، في موقف وزير الداخليّة نهاد المشنوق بالأمس كلّ الحكمة في رفض قطع أيّ طريق، هذا رجل دولة يُدرك خطورة ما يريد الإرهاب تفجيره في الشارع اللبناني، ولكن ماذا نقول في تسرّع البك الذي يدفع لبنان لاحقاً الأثمان نيابة عنه؟!!
2 ـ سعيد عقل، قرن من الزمن اللبناني، هو الصانع الأول لفكرة لبنان العظيم، بل هو ـ رحمه الله ـ من همس في أذن الجنرال ميشال عون عام 1989 بذلك النداء: «يا شعب لبنان العظيم»، يغادر سعيد عقل لبنان، بعدما صاغه فكرة وشعراً وأغنيات، سعيد عقل الشاعر الأهمّ طوال قرن من الزمن، سيفتقد الشعر طويلاً عملاقاً بقامته، ولا أظنّ أنّ لبنان قادرٌ على تحمّل خسارة بهذا الحجم.
3 ـ اليوم تعود «الشحرورة» إلى ضيعتها وإلى الأرض التي ربّتها، في يوم الوداع هذا ستكون ثقيلة خطوة الزمن وستكون ثقيلة دقّة الساعات… يا «شحرورة لبنان» وصوته الأصيل وأغنياته الخالدة، باقية أنت في كلّ أيامنا، اليوم يودّعك لبنان كلّه وسيعزف لك الجيش اللبناني الذي كان عمود أغنيتك وصوتك، لم تساومي مرّة على وطنك، سيلتقي في بدادون «يا صبوحة» فوق عتبة التراب محمود ومعروف وجرجي ليلقوا بوردة على تراب احتضنك بعدما قدّمت للبنان وللغناء الكثير ولم تأخذي إلا حبّاً سيجعلنا نفتقدك «يا صباح» في كل صباح.. رحمك الله وغفر لنا ولك وتقبلّك برحمته الواسعة إنه هو الغفور الرحمن الرحيم..