IMLebanon

نهاد المشنوق وكبش محرقة زلزال الشمال

في تصريح شهير للراحل كمال جنبلاط احتل مانشيتات الصحف قال: «أنا حاكم لبنان الإداري»، وعلى مراحل خمس امتدت طوال أيام الآحاد من الأسابيع الماضية، وفي ظلّ المجهول والفراغ الأسود الذي يلفّ لبنان منذ عامين على مستوى السلطة الحاكمة، من الفراغ في رئاسة الجمهوريّة، إلى الشلل في الوضع الحكومي، إلى الشلل على مستوى التشريع وعجز المجلس النيابي عن الاضطلاع بمسؤوليته في انتخاب رئيس للجمهوريّة، في ظلّ كلّ هذا العجز أثبت وزير الداخليّة نهاد المشنوق أنّه «حاكم لبنان الإداري» وسط حال الموت السريري لكلّ مؤسسات الدولة، ويستحقّ كل التهنئة على إنجازه الكبير الذي حوّل الأنظار الأوروبيّة والدوليّة مجدداً إلى «لبنان الوطن الحيّ».

لم يكد يَهْنأ وزير الداخلية نهاد المشنوق بهذا الإنجاز والعبور إلى حافّة الأمل واستعادة صورة مشرقة عن الدولة اللبنانية بعد نجاح أبيض أعاد الاعتبار والأمل إلى نفوس اللبنانيين، بعد عامين من الإحباط والاستسلام والعجز الذي كدنا نُصدّق أنّه قضاؤنا وقدرنا… لم يكد يهنأ نهاد المشنوق بأنه قام بواجبه كوزير داخلية على أكمل وجه، حتى خرج علينا بعد ظهر الأمس النائب السابق والمسؤول الحالي في تيّار المستقبل الدكتور مصطفى علوش بنظريّة «وقحة» استعجل فيها توجيه الإساءة للوزير نهاد المشنوق، فتفتقّت عبقريّته عن تحميل نهاد المشنوق مسؤوليّة الخسارة المدويّة لتيّار المستقبل في طرابلس!!

حال التخبّط المستقبلي التي بدأت تتظهّر منذ الأمس، نتمنّى لو يلوذ أصحابها الشماليّون بالصمت، وتجلّى التخبّط بين تصريحيْن الأوّل للنائب أحمد فتفت الذي خسر في منطقته وهذه إشارة إلى فشله، والذي ردّ الخسارة المدويّة إلى ضعف زعامة الرئيس نجيب ميقاتي في المدينة وأنها اضعف بكثير ممّا كان يوهم الناس به… مع أنّ كلّ القوى تحالفات ضدّ رجل واحد فهزمها مجتمعة، والثاني وهو أسوأ ما قرأناه بالأمس جاء في تحميل النائب السابق مصطفى علوش مسؤوليّة الخسارة لأنه ـ بحسب علوش ـ «يطبق القانون على ناسه»!!

وذهب علوش إلى حدّ القول ـ في تصريح أمس لوكالة أخبار اليوم ـ «أخطاء عدّة ارتكبت من قبل وزارة الداخلية التي ابتعدت عن التصرّف كرجل دولة ما جعل الناس تبتعد أكثر فأكثر عن اللائحة المدعومة من تيار المستقبل(…) وزير الداخلية نهاد المشنوق طبّق القانون على «ناسه» وترك الجهات الأخرى (…) حين يقوم حزب الله بما يحلو له في البلد، ويفرض القانون في مناطق أخرى، يعتبر هذا الأداء ظلماً»!!

أمس تكوّنت لديّ قناعة أنّ حال نهاد المشنوق كمقولة «من بيت أبي ضُربت» فبدلاً أن يُقال للرجل «يعطيك العافية» لقد استحققت وزارة الداخليّة عن جدارة وأنّك رجل دولة من طراز رفيع، يُسارع بعض من المسؤولين المحليين في الشمال ـ والذين يتحمّلون هم مباشرة مسؤوليّة خسارة المستقبل  المدويّة في الشمال ـ يُتّهم الوزير المشنوق بأنّه لم يتصرّف كرجل دولة!! وأتساءل، إن لم يكن نهاد المشنوق بقامة رجل دولة فهل شمّ منتقده رائحة الدولة ورجالها!!

قد يسأل البعض، لِمَ لم أكتب اليوم، عن فوز اللواء أشرف ريفي المدوّي، لهذا البعض أقول، لا كلام نقرأ فيه النتائج الصارخة والزلزال البنّاء الذي شهدته انتخابات طرابلس، قبل أن تُعلن النتائج النهائيّة بالأرقام لفوز لائحة «قرار طرابلس» المدعومة من اللواء أشرف ريفي، فحتى مساء الأمس كانت المعلومات تشير إلى أنّ الرقم غير الرسمي لفوز اللائحة من 18/6 إلى 22/2، ولا يجوز أن تُقرأ نتيجة انتخابات طرابلس البلدية إلا في ضوء نتائج انتخابات بيروت، وفي قراءة مقارنة، ولا يُقال في نتيجة انتخابات طرابلس هي فوز مستحقّ للواء أشرف ريفي، وهذا حديث آخر…