IMLebanon

نهاد المشنوق و»كلمة الحق

ما تزال كلمة وزير الداخليّة تحتلّ موقع الخبر الرئيس في الحركة السياسيّة اللبنانيّة، فقد «ارتجّ» كيان حزب الله من الكلمة وسارع إلى الردّ الذي تدافعت أصداؤه ما بين عين التينة و»استظراف» رئيس المجلس النيابي نبيه بري «لبلاغته اللغوية»، وبين «لحظة التخلّي» عند وليد بك جنبلاط التي تتجلّى هذه المرة في «ادّعاء «الصحوة الفكريّة» و»العودة إلى الجذور» و»بناء جامع المختارة» و»تدريس القرآن الكريم»،  فبوصلة «المخاوف» الجنبلاطيّة هذه المرّة تُشير «هلعاً» باتجاه «جبهة النصرة» التنظيم الإرهابي المشارك في خطف جنود الجيش اللبناني»، والذي اقترح جنبلاط «الحوار معه» باعتباره -وبحسب جنبلاط أيضاً- «النصرة جزء من الشعب السوري»!!

ويؤكّد حجم التردّدات التي أحدثتها كلمة الوزير نهاد المشنوق واختصاره لكلّ الوضع السياسي المأزوم والشائك في فرز اللبنانيين إلى فريقين واحد تحت سقف القانون وآخر فوق سقف القانون لاستقوائه بالسلاح، والخلاصة «هيك، ما بيمشي الحال»، هو حجم «التلفيقات» ومحاولة دقّ «اسفين» بين الوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي، وحجم التهويلات بأن «الرجليْن يسعيان لتقديم أوراق اعتمادهما لرئاسة الوزارة»، وبشفافيّة نقول: نعم؛ رئاسة الوزارة تليق بنهاد المشنوق، وتليق رئاسة الحكومة أيضاً بأشرف ريفي، كما تليق برجل الدولة الرئيس فؤاد السنيورة، وكما تليق أيضاً بالسيدة بهيّة الحريري، وبدولة الرئيس تمام سلام، وهذا ما يُغيظ حزب الله، فقد ظنّ أن إبعاد الرئيس سعد الحريري تحت وطأة التهديد باغتياله سيترك الطائفة السنيّة من دون قيادة؛ ولكنّهم صعقوا عندما وجدوا عدّة قيادات سُنيّة قويّة وقادرة على قيادة الشارع السُنّي وبتناغم شديد، وأنّ تعدّدية القيادات السُنية هذه منسجمة لا إلغاء فيها، على عكس الثنائية الشيعيّة القمعيّة لكلّ من يُخالفها الرأي!!

بصراحة، لقد فاجأ الوزير نهاد المشنوق حزب الله بصراحة كبرى، وليس هناك مقام أفضل من ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن لهذا المقال، وليست معادلة «هيك ما بيمشي الحال» هي التي «طاش حجر» حزب الله بسببها، فما أصابه بهذه «الهجمة» هو إعلان الوزير المشنوق بأننا «قاب قوسين أو أدنى من معرفة من اغتال اللواء وسام الحسن وأن نتائج التحقيق ستعلن في الوقت المناسب، وان القتلة سيقدّمون للقصاص بالعدالة والقانون»، كثيرون لم يتنبّهوا إلى أنّ هذه الإشارة إلى نتائج التحقيق هي التي أصابت حزب الله في مقتل وأطلقت مجموعة أقلامه سمومها في كلّ الاتجاهات!!

والمضحك ـ المبكي، هو ما سمعناه في ردّ حزب الله على لسان نائبه محمد فنيش ـ ولا نذيع سرّاً عندما نقول أنّ فنيش موعود برئاسة المجلس النيابي، وأنّ حزب الله يُحضرّه متى حان لحظة إطباقه مباشرة على الرئاسة الثانية ـ  فهذه «البراءة الناعمة» في «كلام» فنيش أنّ المشنوق حمّل «المسؤولية لمن لا يمكن لأحد أن يرميه إلا بوردة في مسألة المصداقية والممارسة واقتران القول بالعمل»، فهل علينا تعداد المرات التي كذب فيها حزب الله على اللبنانيين وخدعهم منذ رفضه التحقيق الدولي والمحكمة الدوليّة مروراً بالوعد الكاذب بالصيف الهادئ في تموز العام 2006، إلى كذبة أن سلاح الحزب لن يُوجّه للداخل اللبناني، فكانت معادلة 7 أيار: «السلاح لحماية السلاح»، ثمّ «الوعد الكاذب» بعدم تعطيل حكومة الوحدة الوطنيّة، وصولاً إلى توقيع «اتفاق بعبدا» والانقلاب عليه لاحقاً، انتهاءً بورطة الحزب الإيرانية في الحرب السوريّة.. «قال وردة قال»!!

أما «النكتة الكبرى» في كلام فنيش فكانت في ادّعائه أن حزبه «منذ البداية كنا بالممارسة والمواقف، ندعو الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها في التصدي لأي مرتكب ومخل بالأمن، لا غطاء لأحد في أي حال شغب في مناطقنا» ومطالبته بأنّ ندلّ على حال واحدة خارجة على القانون، ونظنّ أنه من المناسب أنّ نذكّر حزب الله بـ»قدّيسيه القتلة» المتهمون بالتحضير والتنفيذ لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا داعي لتذكير الحزب برفضه مثول أي واحد من هؤلاء المتهمين، ولا بأنّ «القديس» مصطفى بدر صاحب ملفّ كبير في تاريخ الإرهاب منذ تفجيرات الكويت وخطف الطائرات وتفجير السفارات، لذا اتهام المحكمة الدولية له  بتورّطه تحضيراً وتنفيذاً لاغتيال الرئيس الحريري، هو اتهامٌ منسجم مع تاريخه ورفاقه وباعهم الطويل في الإرهاب.

من دون شكّ؛ قال الوزير كلمة الحقّ، ومرتكبو جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن انزعجوا من انبعاث ذاكرة الاغتيال والتحقيق والمحاكمة، كلّ الإشارات التي أرسلها الوزير نهاد المشنوق كان اللبنانيون يحتاجونها، وبشدّة بفعل هذا الفضاء السوداوي الذي يلفّ لبنان، هي كلمة حقّ كان يجب أن تُقال، وقد قيلت، فلينعق الناعقون خوفاً وقلقاً أدعياء الحال «النعجاوية» كلّما احتاجوا إلى لبنان الدولة والشعب غطاءً لسلاحهم، وإرهابهم على امتداد لبنان وسوريا والعراق والبحرين والكويت، واليمن من صنعاء إلى باب المندب، وما أدراك ما باب المندب!!