Site icon IMLebanon

نهاد المشنوق وزير غير شكل

سمعتُ سياسيين كما سمعت بعض المواطنين يردّدون جملة تكاد تكون معبِّرة عن رغبة ورأي كل اللبنانيّين: شجاعة الوزير نهاد المشنوق حرَّرت سجن رومية. وسمعتُ وزير الداخليّة كما سمعه معظم اللبنانيين وهو يعلن تحرير سجن رومية من خاطفيه، و”أنهينا أسطورة غرفة عمليّات الإرهاب داخل السجن”.

أخيراً انهارت “إمارة رومية”، وعاد السجن، والمبنى “ب” إلى عُهدة قوى الأمن والسلطة الرسميّة المعنيّة.

وهذا الإنجاز يُعتبر حدَثاً بحدِّ ذاته، يُسجَّل في خانة وزير الداخليّة المِقدام وبسالة قوى الأمن التي برهنت عن جدارة فائقة حين توفَّر لها حارس أمين اسمه نهاد المشنوق.

شهادتي مجروحة بوزير الداخليّة. فهو رفيق الدرب الطويل والأيام الصعبة، مثلما كنّا معاً في مشوار الأيام الحلوة بمعيّة الرئيس رفيق الحريري.

لست هنا لأُدبِّج إطراء ومديحاً في الوزير القبضاي المِقدام، الذي لطالما عرفته منذ طلعته رجلاً عند الملَمّات، وصاحب رؤية واعية وثاقبة في السياسة ومطبَّاتها.

ولا أنا في صدد تسجيل شهادة حسن سلوك لوزير الداخليّة الذي ضرب على الطاولة بيده منذ اليوم الأول لتولّيه المسؤوليّة، منبِّهاً مَن يقف أمامه: اسمع ما أقوله لك، أنت تُخاطب رجلاً يُدعى نهاد المشنوق الذي إذا قال فعل وإذا وعد وفى.

تابعتُه في رحلته الأولى مع المسؤوليّات وكانت من ذات الوزْنات الثقيلة والدقيقة، فأكد وجوده وجدارته، تماماً مثلما أكَّد وجوده وجدارته في وزارة الداخليّة، وخصوصاً في تصدِّيه للأحداث الكبيرة والذهاب إليها، لا تركها تتفاعل ثم البُكاء على الأطلال.

إنه بشهادة المخضرمين، والقدامى، والمعتَّقين، رجل لكل المهمّات. وما حقّقه خلال الأيام الأخيرة في طرابلس، ثم أكمله بالإنجاز الحدَث في المبنى “ب” داخل سجن رومية، يشهد له أنه الرجل المناسب في المكان المناسب.

وسيُقال، حتماً، في زمن لاحق إن نهاد المشنوق أعاد إلى وزارة الداخليّة نكهة مَن سبَقه من كبار الزمن الجميل ورجالاته.

منذ أيامه الأولى في الصحافة، في مهنة المتاعب، في “النهار العربي والدولي” أدركت أن لهذا الـ”نهاد” تطلُّعات أخرى ليست بعيدة من ميدان السلطة الرابعة، إلا لكونها تُدعى السلطة بكل معانيها، والسياسة بكل مراتبها.

أعجبني إقدامه مع قوى الأمن، وكذلك اقتحامه بموجب المسؤوليّة التي يحمل أعباءها بأهليّة وبصيرة ووعي وإحاطة. وقد عَبَّر عن ذلك كلّه بوقفة شجاعة. سواء في طرابلس وجبل محسن، أم في المبنى “ب” أو المربّع الأمني داخل سجن رومية.

مما قاله لنا الوزير المشنوق، وقالته معه قوى الأمن وقوى الجيش إن الزمان الأوّل تحوَّل.

فهل يأتي دور بقية المربّعات والمخيّمات والدكاكين الأمنيّة؟

نهاد المشنوق وزير غير شكل.