Site icon IMLebanon

تعزيز التدخّل الروسي “يؤجّل” رحيل الأسد هل من رهانات جديدة لدى الحلفاء اللبنانيين؟

مع التطورات الجارية في سوريا المتمثلة في تعزيز روسيا وجودها العسكري تحت عنوان مساعدة النظام والدولة السورية على مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية والذي ترجم حرفية ما قاله المسؤولون الروس بانه دعم للرئيس السوري بشار الاسد في غياب البديل منه، يقفز الى واجهة الوضع السياسي في لبنان السؤال عما اذا اعطاء زخم للرئيس السوري من جانب روسيا بعد ايران يمكن ان ينعش حلفاءه في الداخل فيعمد هؤلاء الى توظيف هذا الاستقواء لديه في تعزيز اوراقهم الداخلية ازاء خصومهم وتالياً التشدد في مواقفهم وشروطهم ازاء الحلول الداخلية اياً تكن. السؤال يستند الى الرهانات الموضوعة على بقاء سوريا من ضمن محور معين وفق ما رفعت عناوين للحرب الجارية فيها ام لا. ففي خلاصة الانطباعات الأولية التي خلفتها الضجة العالمية الديبلوماسية والسياسية على تعزيز روسيا تدخلها العسكري في الساحل السوري ان هناك ترجيحاً للمحور الداعم للاسد أقله في المعطيات الراهنة في مقابل تراجع خصومه وبروز ايحاءات بامكان اضطرارهم في الآونة الاخيرة الى قبول مشروط ببقاء الاسد لفترة انتقالية او تحييد المطالبة بتنحيه مسبقاً وجاء الوجود الروسي ليثبت الضغط في هذا الاتجاه.

ومن غير المحتمل بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين كثر ان ينعكس هذا التطور في المنحى السوري في لبنان أقله في المرحلة الراهنة، اذ من المبكر جداً التعويل عليه لرصد التغيير او التأثير على الوضع اللبناني فيما هو لا يزال في مسار التطور وردود الفعل الأولية. لكن من غير المستبعد احتمال بدء توظيفه في ظل سعي البعض الى استغلال ذلك لمصلحة المنطق الذي ينادي به في اطار السعي الى التأثير نفسياً في الطرف الآخر على قاعدة ان لا بديل من الخيار الذي لا يزال يفرض من اجل الافراج عن الانتخابات الرئاسية. اذ ان افق تعزيز روسيا تدخلها في سوريا ليس واضحاً من حيث انعكاساته ونتائجه ولا مضمونه كذلك وهناك غموض كثيف يكتنف المحطات المقبلة، ولو ان ثمة مؤشرات اوروبية على الاقل توحي بامكان بقاء الأسد بعض الوقت، الأمر الذي يعتبره كثر ترجمة لمرونة أميركية محتملة في هذا الاطار. لكن ما يحصل عملياً وفق مراقبين ديبلوماسيين، ولو ان الكلام بين روسيا والولايات المتحدة هو في اطار السقوف العالية او المرتفعة في شأن مصير الأسد وموقعه في مستقبل سوريا، هو ترجيح تأجيل ذهاب الرئيس السوري في أحسن الأحوال باعتبار ان لا أحد مقتنع بأنه يمكن ان يعود ليحكم سوريا موحدة. وهذا ينسحب على روسيا كما على ايران وكما ان الولايات المتحدة لا يمكن ان تجد حلاً لسوريا وحدها كذلك هي الحال بالنسبة الى روسيا وايران اللتين تجمعهما شراكة مع الرئيس السوري. الامر الذي يعني ان اي تسوية يفترض ان تجد طريقها بين أفرقاء دوليين واقليميين كثر ما لا يسمح بسيادة نهائية لأي اقتراح او فكرة معينة من دون اثمان كبيرة في المقابل. وهذه الطريق لا تزال طويلة جداً وقد تكون في بدايتها في أفضل الاحوال او لا تكون. كما ان ليس هناك حتى الآن اي مشروع حقيقي لتقسيم سوريا ولو ان التدخل الروسي معززاً وجوده العسكري في أحد معاقل الاسد في اللاذقية قد يفيد بوجود مشروع بديل من سيطرة الأسد على سوريا الواحدة بابقاء سيطرته على مناطق حيوية ومدن معينة على الساحل السوري. وتالياً فإن ما يحصل لن يكون في أحسن الاحوال تثبيتاً لبقاء الاسد انما لتأجيل رحيله والذي قد يمتد من بضعة أشهر الى مدة اطول قد تصل الى سنة او اكثر بقليل لئلا يستفيد تنظيم الدولة الاسلامية. ومع ان هناك من هو مقتنع بان كسب الاسد هذه الفرصة قد يتيح أمامه قلب المعادلات لاحقاً خصوصاً في حال حصلت تطورات يمكن ان يستفيد منها، فإنه من غير المرجح في الاطار الذي تتطور الأمور على خلفيته راهناً في سوريا ان يكون ممكناً ترجمة مآل الحال في سوريا الموقتة على الوضع اللبناني. يضاف الى ذلك ما بات يعرفه الجميع وهو ان الاسد لم يعد مقرراً في سوريا ولا هو يملك قراره الشخصي بل اضحت ايران من يقوم بذلك وبدرجة منافسة جداً روسيا في الاونة الاخيرة بعد تطورات الشهرين الماضيين. والتغييرات التكتية في سوريا حتى لو كانت انتصارا او تقدما في منطقة ما لا تغير الامور لان المشكلة باتت عميقة جداً ولن تنتهي لا خلال شهور ولا خلال سنوات حتى لو وضعت غداً على طريق الحل.

وبالنسبة الى المراقبين الديبلوماسيين المعنيين، فإنه لا يمكن اغفال عدم القدرة لاعتبارات كثيرة على تغيير الستاتيكو السياسي الحالي في لبنان في ضوء التوازن القائم. وعلى رغم وجود مخاوف من اتجاهات في هذا الاطار بناء على اقتراحات او طلبات تطيح الدستور وتعمل على فتح باب التعديلات فيه على مصراعيه خصوصاً من جانب جهة سياسية معينة يمكن ان تعد نفسها من ضمن المحور المتقدم، فإن بعض المؤشرات المحلية اولاً لا تدفع في هذا المنحى وقد ابرز حلفاء للفريق العوني مواقف معارضة كليا لتوجهاته ما يقفل الباب على وجود اجماع من ضمن الفريق الواحد. ثم ان المؤشرات الاقليمية لا توحي بذلك ايضاً لأن هناك تحديات كبيرة على المحك.