لا يستطيع أحد في هذه «الجمهوريّة المهتريّة» أن يطمئن الشعب اللبناني أنّه لا يتربّع على عرش حاويات نيترات الأمونيوم بعد ظهور أربع حاويات قرب مدخل مرفأ بيروت تخفي داخلها 4 أطنان و350 كيلوغرام من نيترات الأمونيوم، دولة بوزارتيْ دفاعها وداخليتها وأجهزتها العسكرية والأمنية لا تعرف على ماذا يجلس اللبنانيّون من صواريخ ووقود الصواريخ، ما يتعرّض له الشّعب اللبناني جريمة كاملة رئيس حكومة تصريف أعمال علم بوجود مواد شديد الخطورة في عنبر رقم 12 وكان ينوي أن يقدّم مشهداً مماثلاً لهجومه عل سوبر ماركت سبنس فاستعد ورفع الأمر إلى المجلس الأعلى للطوارىء وانتظره في المرفق الحيوي مدير عام جهاز أمن الدولة، ولكن أحد العباقرة من مستشاري العبقري «أبو الإنجازات» أخبره أنّها أسمدة زراعية فصرف نظر عن الزيارة، ومع هذا يترك دون أن يقوم القضاء بتوقيفه بتهمة الإهمال والاستخفاف بالمدينة وسكانها، بل يترك ليتابع تصريف الأعمال و»الله يسترنا من تصريف أعماله»!!
بالصدفة عثر على مدخل المرفأ مساء الخميس الماضي على 4 أطنان و350 كيلوغرام من نيترات الأمونيوم، وكم أخبرنا المتخصصون والمحللون العسكريون أن المواد التي انفجرت في العنبر رقم 12 لم تتجاوز 350 كيلوغرام، فماذا لو كانت هذه الحاويات الأربع من ضمن انفجار 4 آب؟! ومشكور الجيش اللبناني الذي عملت وحدات فوج الهندسة على تفجير هذه الأطنان في حقول التفجير التابعة للجيش.
من المسؤول عن أعمال الصيانة كيف تترك «البنى التحتية مهترئة»؟، لا يحتاج الأمر إلى تفتيش لطالما كان كلّ ما له علاقة بالمطار وبكل المرافق والمؤسسات والمشاريع محاصصة وتوزيع مغانم، من الجهة المسؤولة عن متابعة وصيانة البنى التحتية للمطار؟ لمَ لم نسمع بمسؤول وزير أو مدير عام؟ مهما بلغ حجم الجريمة بحقّ الشعب اللبناني ليس هناك محاسب ولا من يحاسبون، وإن حاسبوا فقد يحاسبون المسؤول درجة ثانية مع أنّ المسؤول الأول والأعلى متورط ويعرف كل مل يحدث بل ويغطّي المدراء الذين اختارهم وفرضهم بالقوة في مناصبهم لينوبوا عنه في مهمة سرقة الشعب!!
حرام أن يصحو اللبناني بعد دمار نصف بيروت، والقتلى والمفقودين والجرحى على فضيحة كبرى من نوع 4350 كيلوغرام من نتيرات الأمونيوم ولم نسمع كلمة واحدة عن القيام بتحقيق عن هذه الحاومية ومن وضعها على مدخل المرفأ، ألا يستحقّ هذا الشعب بأن تتحرّك جهة قضائية بعد المأساة الكبرى التي زلزلته لتحميه من هؤلاء المجرمين غيلان الموت والخراب التي لا تشبع دماراً!!
قد نكون كشعب بالغ في صمته والخنوع للظّلم الذي يتعرّض له، لكنّه دفع ثمن كلّ الويلات التّسع التي يحفظها عن ظهر قلب، في 4 آب دفع الثمن باهظاً، ومع هذا ما نزال وكأننا في حالة غيبوبة لم نصحُ منها بعد، كأنّنا لم نقرأ ويل لأمّة مغلوبة تحسب الزركشة في غالبيتها كمالاً والقبيح فيها جمالاً…
ويل لأمّة تكره الضّيم في منامها وتخنع إليه في يقظتها…
ويلٌ لأمّة لا ترفع صوتها إلا إذا سارت وراء النّعش ولا تفاخر إلا إذا وقفت في المقبرة ولا تتمرّد إلا وعنقها بين السيف والنّطع!
ويل لأمّة سياستها ثعلبة وفلسفتها شعوذة أمّا صناعتها ففي الترقيع…
كم ذا سنبقى نرقّع في واقعنا المزري، كم نحتاج إلى المزيد من الصبر والتسليم والرضى بمواقع القضاء، نحتاج أن يختصر لنا جلال الدّين الرّومي واقعنا الحزين ببلسم كلماته «تأدّب في بلائك وتوجّع بالحمد.. فأنت في حضرة قضاء الله وقدره»، اللهمّ إنّا لا نسألك ردّ القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.