Site icon IMLebanon

لا انسحاب عسكرياً روسياً فعلياً من سوريا

 

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لسوريا قبل نحو أسبوعين، إن قوات بلاده ستنسحب من سوريا باستثناء قاعدتي حميميم وطرطوس. ولكن منذ ذلك التاريخ لم تشهد سوريا انسحاباً حقيقياً للقوات الروسية. فما هو الواقع؟ وهل مهمة روسيا العسكرية أنجزت في سوريا؟.

 

تؤكد مصادر ديبلوماسية في العاصمة الروسية موسكو، أنها ليست المرة الاولى التي يعلن فيها بوتين عزمه على سحب قواته من سوريا، ولكن الانسحاب الروسي سيكون جزئياً، في اطار انسحابات من مناطق محددة ليس أكثر. والفرق هذه المرة أنه يعلن الانسحاب مباشرة من احدى القواعد الروسية هناك. وقد يأتي الموقف بحد ذاته للضغط على النظام بالتزامن مع محادثات جنيف التي كانت دائرة للتفاوض السوري. كما أن الاعلان قد يأتي لمجرد السعي الى تخفيف روسيا الضغوط الدولية عليها.

 

وتؤكد المصادر أيضاً أن القواعد العسكرية الروسية ستبقى قائمة. وهناك أهداف عديدة تقف وراء استمرار الوجود العسكري الروسي وهي:

 

– تأكيد النجاح في العملية العسكرية ضد الارهاب و«داعش»، بعد هزيمة هذا التنظيم ما يؤكد أهمية الدور الروسي في سوريا.

 

– النجاح الذي حققته روسيا في حماية الدولة السورية كدولة و«منع سقوطها» كما يقول الروس. فهم عملوا على حماية الدولة بغض النظر عن وجود رأس النظام بشار الاسد أم لا. وهم لا يعتبرون أن وجودهم كان لحماية الاسد مع أن الدول في المنطقة والغرب لها موقف مغاير.

 

– ان موقف بوتين له أبعاد داخلية، ويمثل رسالة الى الروس قبيل الاستحقاق الروسي وهو الانتخابات الرئاسية في آذار ٢٠١٨، بحيث يعمل على طمأنتهم حول أن التورط الروسي في سوريا، لن يستمر الى الابد. ذلك أن هناك خسائر في سوريا، وأن جزءاً من الرأي العام الروسي يفضل أن ينتهي التدخل الروسي فوراً، بدءاً من تخفيف القوات. الا أنه في الواقع لن يتغير شيء من جراء الانسحابات الجزئية. اذ أن الانسحاب فعلياً سيكون محدوداً وليس كبيراً.

 

وتفيد المصادر أن الوجود الروسي في سوريا يعتبر شرعياً لاسيما من خلال الاتفاقات العسكرية حول القاعدتين في حميميم وطرطوس، والتي كرّست هذا الوجود لمدة ٤٩ سنة، يجوز تمديدها للفترة نفسها على مرحلتين، وطالما أنه ليس هناك من طرف أعلن رغبته في فسخ الاتفاقيات. وبالتالي تبقى قائمة وهذا ما يوليه الروس أهمية، ويمثل الهدف الحقيقي بالنسبة اليهم. وخلال زيارة نائب رئيس الحكومة الروسية دميتري راغوزن، ونائب وزير الخارجية الكسندر ميخائيل بوغدانوف لدمشق أخيراً، أكدا أنه ستكون لروسيا الأفضلية والأولوية في اعادة اعمار سوريا، وأنها باقية فيها على المدى البعيد.

 

وتشير المصادر الى أن روسيا ليست مؤسسة خيرية، بل هي تريد الحفاظ على مصالحها من خلال الوجود الدائم والمشاركة الأساسية في اعادة الاعمار. وتوضح أنه في المرحلة الحالية، تسعى الولايات المتحدة الى منع الروس من أن يقطفوا ثمرة الانتصار في سوريا. فهم يتواجدون مع الروس على جبهات عدة منها أوكرانيا وكوريا الشمالية، وسوريا. وهم سيبقون قوات لهم في الرقة وفي الجنوب السوري، ويتحدثون حالياً عن سعيهم الى تدريب مجموعات مسلحة جديدة في سوريا. لكن في النهاية الروس، في انتظار تلمس سياسة واشنطن تجاه سوريا، حيث لا استراتيجية واضحة حتى الآن ليس تجاه سوريا فحسب، بل تجاه كل ملفات الشرق الاوسط، باستثناء ايران و«حزب الله»، وكل الميليشيات الحليفة لها، وباستثناء الدعم المطلق واللامتناهي لاسرائيل والذي برز أخيراً من خلال التعامل مع مسألة القدس، لاسيما الفيتو الاخير فيي مجلس الامن على الرغم من مشروع القرار المصري «المتوازن» الى حد ما.

 

وتترقب روسيا أيضاً ماذا سيكون الدور الاميركي في سوريا، وما اذا سيتخطى مكافحة الارهاب «وداعش» أم لا. وتعتقد أنه اذا لم تضع الولايات المتحدة سياستها بعد، فهذا لا يعني بالضرورة أنها ستضعها في مرحلة قريبة. وواشنطن تعتبر أن النظام قاتل، ولكن هل سترسل جنودأ لها للانخراط في وضع حد لحكمه، وللعودة الى لعب دور قيادي في أزمات المنطقة وملفاتها؟. هي لعبت دوراً قيادياً في مكافحة الارهاب وجعلته أولوية لها. فهل تنتقل هذه الاولوية الى الاهتمام فعلياً بالملف السوري؟.