أين لبنان من التحرك الديبلوماسي الكثيف في المنطقة لحل الازمة السورية، والوضع المتردي فيها ناجم الى حد كبير عن الارهاب المفتوح من جرود عرسال ولجوء مليون ونصف مليون نسمة من سوريا الى المناطق اللبنانية، ومنهم من ينافس العامل اللبناني في بعض المهن، اضافة الى فواتير الكهرباء والمياه والاستشفاء والتعليم؟ والسؤال المطروح: هل المسؤولون متأثرون بروائح النفايات التي منعتهم من استنشاق روائح المحاولة الجدية التي تقودها روسيا لانهاء الازمة السورية؟
ما يدفع الى هذا النوع من الاسئلة ان مصادر قيادية لاحظت عدم حصول اي اتصال رسمي حتى اليوم بأي من سفراء روسيا وايران والسعودية المعتمدين لدى لبنان للمطالبة باشراك لبنان في التحرك الديبلوماسي الجاري او على الاقل بتثبيت حل لتداعيات الازمة السورية عليه في صلب المبادرة الايرانية، لا سيما الارهاب وأزمة اللاجئين.
وأشارت الى ان ما يقلقها هو خلو المبادرة من اشارة الى لبنان وانعكاسات الازمة السورية عليه. وعددت المصادر الاجتماعات المعلنة حتى اليوم والتي لم يذكر فيها لبنان، وهي التي بدأت في قطر في مستوى وزراء خارجية اميركا وروسيا والسعودية وتبعها لقاء روسي – ايراني على مستوى اقل من وزيري خارجية البلدين في طهران، وسوري – عماني في مسقط، وغداً الثلثاء روسي – سعودي في موسكو، واذا نجح فقد ينضم اليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وأفادت ان زيارة اللواء علي مملوك للسعودية كانت بطلب وبسعي روسيين.
واستغربت ما تناهى اليها من ان زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف غدا الثلثاء الى بيروت لم تحضّر لتأتي بالنتائج المتوخاة. وقد طلبت سفارة بلاده من قصر بسترس تحديد مواعيد عاجلة له بسبب قصر موعد الزيارة لتشمل كلا من الرئيسين نبيه بري وتمّام سلام ونظيره جبران باسيل على المستوى الرسمي. أما لقاؤه والامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله فقد تحدد عبر قناة الاتصال الخاصة وسيبحث فيه ما حققه الحزب في القتال الى جانب قوات النظام في سوريا والعلاقة بين بلاده والحزب.
وذكرت ان جدول المحادثات مع الجانب الرسمي لم يحضّر بالمعنى الدقيق للكلمة، والمتوقع أن يتناول عناوين عامة: أولا آثار التفاهمات على الاتفاق النووي في حال اقرار الكونغرس الاميركي له؛ وفي حال رفضه، وعد الرئيس باراك أوباما باستعمال حقه لجعله نافذاً. ثانياً، طرح المبادرة التي أعدتها بلاده لحل الازمة السورية والتي خلت في بنودها من أي إشارة الى معالجة الإرهاب واللاجئين، مما يوجب هنا على المسؤولين اللبنانيين توحيد موقفهم لمطالبة ظريف بإضافة هذا البند الى المبادرة.
أما الاكتفاء بتفاصيل المبادرة وانعكاساتها السلبية على الوضع العام في البلاد فلن يقدم جديداً الى ظريف الذي سيسجل عتبه لعدم ذكر المساعدات التي قدمتها ايران الى اللاجئين السوريين في لبنان بقيمة ثلاثة ملايين دولار حتى الآن. كما سيبدي استعداد بلاده لإرشاد لبنان الى سبل استيعاب قضية اللاجئين نظراً الى الخبرة التي تتمتع بها، وهي التي تستقبل الكثير من اللاجئين.
والموضوع الآخر هو الاستقرار السياسي ولا سيما خلو رئاسة الجمهورية من رئيس للبلاد والدور الذي يمكن بلاده أن تؤديه في هذا المجال اذا أرادت أنت تجاوب، مع التذكير بأنها لم تتجاوب مع محاولتين فرنسيتين قبل “التفاهمات” مع الدول العالمية الست حول البرنامج النووي وبعدها.
وذكرت مصادر ديبلوماسية أن ظريف سيركز مع المسؤولين على الأهمية التي توليها قيادة بلاده لمقاربة العلاقات العربية – الإيرانية، وأيضاً تعويلها على الدور الذي يمكن أن يؤديه بعض الزعماء اللبنانيين في هذا المجال.
ودعت فاعليات سياسية واقتصادية الى أهمية تشديد المسؤولين أمام ظريف على فتح الباب واسعاً مع الشركات اللبنانية ورجال الأعمال اللبنانيين والاستثمار للتوظيف في إيران علماً أن طهران كانت تطالب دوماً بتفعيل اللجنة العليا المشتركة وإبرام عدد كبير من الاتفاقات الجاهزة وفي كل المجالات ولم يعد ثمة مبرر التخوّف من الرقابة الأميركية.
وشددت على ضرورة أن يواكب لبنان “الزحف” الأوروبي الى طهران، وآخر ما توافر من معلومات يفيد بتوقيع شركة إيطالية مع شركة غدير الايرانية عقداً لبناء معمل للطاقة بقيمة نصف مليار دولار، إضافة الى إنشاء خط ائتماني للاستثمارات الايطالية. كما يشار الى توقيع اتفاق بين الهند وايران لإنتاج معمل للطاقة في إيران بقيمة مليارين و600 مليون دولار.
والمقرر أن يصل ظريف الى بيروت من أنقره عصر غد ليلتقي الرئيس بري بعد وصوله، وليلاً السيد نصرالله ويبيت ليلته في بيروت ليلتقي قبل ظهر الأربعاء الرئيس سلام والوزير باسيل ظهراً. ولم تعرف وجهة سفر ظريف في ختام زيارته الثانية لبيروت، بعد أولى في 14 كانون الثاني 2014.