هيل أثار مواضيع الاقتصاد والحدود والنفط وشروط دعم حكومة دياب
كان لافتا للانتباه إعلان الرئيس المكلف دكتور حسان دياب انه لن يعتذر عن التكليف وانه ماضٍ في اتصالاته لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، ما طرح التساؤلات عن سبب اصراره وثقته بنجاح مهمته بتشكيل حكومة، كان قد حدد لتشكيلها مهلة شهر او ستة اسابيع، لكن جرت اتصالات خلال اليومين الماضيين بين القوى السياسية المؤيدة لتكليفه من اجل تشكيل الحكومة خلال مهلة لا تتجاوز الاسبوعين، مستندين الى جملة اعتبارات اهمها ان وضع البلد لا يحتمل التأخير نتيجة الظروف المعيشية والاقتصادية والمالية والامنية الضاغطة، ونتيجة المخاوف من ضغوط اضافية من الداخل والخارج قد تطيح الامل الاخير بالخروج من الأزمة الراهنة.
وعلمت «اللواء» ان التوجه هو لإنهاء تشكيل الحكومة خلال اسبوع او اسبوعين على الاكثر، خاصة ان القوى السياسية التي كان الرئيس دياب يعوّل على الاتصال بها للمشاركة في عملية التشكيل اخرجت نفسها من هذه العملية وقررت عدم المشاركة («المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وحزب الكتائب)، ما يمكن ان يختصر مزيداً من الوقت، وعليه، ترتقب الاوساط المتابعة للتشكيل ان تبصر الحكومة النور في الاسبوع الاول من الشهر المقبل. ولو ان البعض بدأ يُطلق على الحكومة قبل تشكيلها صفة حكومة اللون الواحد او حكومة «حزب الله»، بينما يرد مؤيدو تشكيلها ان من أخرج نفسه من المشاركة في محاولة انقاذ البلد هو من يريدها ان تكون هكذا تماما كما فعلوا خلال تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تشكلت عام 2011 وبقيت زهاء سنة ونصف السنة في الحكم.
ولعل الاجواء التي أحاطت التكليف والمشاورات الجارية للتشكيل، لا سيما زيارة معاون وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل الى بيروت، تشير الى عدم ممانعة اميركية في تكليف دياب طالما انه يلتزم تشكيل حكومة اختصاصيين او على الاقل لا وجود سياسياً مباشرا لـ«حزب الله» فيها. وثمة معلومات لا يزال الغموض يحيطها، مفادها ان الاتصالات بين الجانبين الاميركي والايراني التي جرت مؤخرا برعاية من سلطنة عُمان قد تصل الى نتائج ايجابية تخفف التوتر بين الجانبين في ملفات المنطقة لا سيما في العراق واليمن، والتي كانت تنعكس سلباً على لبنان، وان هذا الجو الايجابي انعكس على لبنان فجرى اختيار حسان دياب في تقاطع محلي – اقليمي – دولي، وجاء هيل ينقل الى المعنيين الموقف الاميركي الذي أُعلن من عناوينه في تصريحاته، عدا عن ان جانباً اساسياً من لقاءات هيل تركز على موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة واستخراج النفط والغاز من البحر، وعلى الوضع الاقتصادي. وتردد انه طرح ايضا موضوع العميل الموقوف عامر الفاخوري الذي يحمل الجنسية الاميركية، فكان الجواب اللبناني ان الفاخوري غير محكوم بعد وانه يجب انتظار ما سيقرره القضاء خلال محاكمته. اضافة الى انه جرى طرح موضوع النزوح السوري وتأثيراته على لبنان وامكانيات الدعم الدولي للبنان لتخفيف حدة وانعكاسات هذه الازمة.
وذكرت مصادر اطلعت على جانب من لقاءات هيل انه ابلغ بعض من التقاهم، ان «الادارة الاميركية مستعدة لدعم حكومة دياب اذا تم تشكيلها من اختصاصيين مستقلين وغير مثيرين للجدل، وكانت حكومة توحي بالثقة وتوفر الاستقرار السياسي وتعالج الازمة الاقتصادية وفق برنامج واضح، وان الاميركيين غير معنيين بالاسماء». فيما قالت مصادر مطلعة على موقف مؤيدي دياب ان الحكومة ستضم شخصيات محترمة وموثوقة وان كل طرف سيقترح لتشكيلها افضل ما عنده من اسماء ولن يتمثل فيها اي طرف سياسي. مشيرين الى ان الادارة الاميركية لا يمكن ان تكون معارضة لحكومة يرأسها نائب رئيس أكبر مؤسسة اميركية في لبنان هي الجامعة الاميركية. وان المهم عند الاميركيين عدم تمثيل «حزب الله».
وتفيد المعلومات ان الجانب الاميركي اقتنع على ما يبدو من الاوروبيين ان مخاطر ومفاعيل الانهيار في لبنان ستكون اكبر واخطر من مفاعيل تشكيل حكومة مقبولة تساهم في عملية الاصلاحات ومعالجة الازمات المعيشية والاقتصادية، لا سيما وان الرئيس دياب شخصية معتدلة وغير صدامية وهو يحمل الصفة الاهم التي يطالب بها الجميع: الاختصاص او التكنوقراط.
الى ذلك، ما زالت المهمة الاصعب امام الرئيس المكلف هي التواصل والتفاهم مع ممثلي الحراك الشعبي لتمثيلهم في الحكومة، الذين ابدوا انقساما بين من يرفض بالمطلق وبين من يريد ان يعطي فرصة للحكومة الجديدة.