IMLebanon

مصدر ديبلوماسي غربي: نُراهن على منْع الانهيار ولا تمويل عربي أو أوروبي

 

تتجنب الأوساط الديبلوماسية الغربية المتابعة للمداولات الحكومية في شأن الموقف من تسديد لبنان ديونه المستحقة في 9 آذار أي يوم الإثنين المقبل، إسداء أي نصيحة للجانب اللبناني لأن هذا الأمر هو قرار الحكومة وحدها، خصوصاً أنه يستند إلى المفاوضات التي تجريها مع الدائنين التي لا تعرف هذه الأوساط تفاصيل ما يجري خلالها.

 

ويقول مصدر ديبلوماسي غربي إن “لكل خيار انعكاساته، أكان تسديد قيمة سندات اليوروبوندز أم عدم التسديد، وهناك مسائل تقنية في المفاوضات الجارية تحتاج إلى توضيحه وفق أي خيار يتخذ، مالياً وقانونياً، فضلاً عن أن هناك أرقاماً لا نعرفها حول ما سينجم عن أي خيار، وهل يتم تسديد الدين المتوجب لمصلحة دائنين خارجيين، وتأجيله للمصارف اللبنانية؟ وحصلت اجتماعات مع بعض الوزراء وما فهمناه منهم أن لا قرار حتى الآن على رغم وجود اتجاه إلى عدم دفع الدين”.

 

يعتبر المصدر إياه أن “الجوانب المتعلقة بمسألة الدين منفصلة عن الموقف من التعاون مع صندوق النقد الدولي، والخطة التي يفترض أن تطرحها الحكومة على الصندوق لطلب مساعدته المفترضة، على رغم أن هناك صلة غير مباشرة بين المسألتين من زاوية وضع الخطة من أجل طمأنة الدائنين في حال التخلف عن الدفع باتفاق معهم”.

 

ويلاحظ المصدر الديبلوماسي الغربي أن “الانقسام السياسي في لبنان هو أحد الأوجه التي تؤثر في القرار في شأن تسديد الدين أم لا، مثلما يعتقد أن أحد العوامل المؤثرة في قرار الاستعانة بصندوق النقد هو الموقف السياسي من التعاون معه”، مشيرا بذلك إلى “شروط “حزب الله” التي أعلنها برفض وصاية الصندوق على البلد”.

 

لكن انطباع المصدر نفسه هو أن “حزب الله عدّل في لهجته إزاء صندوق النقد، قياساً إلى المواقف المعلنة بالتحفظ على التعاون معه، وبات يقبل بالاستماع إلى ما يطرحه الصندوق وطلب مشورته، فيما التحفظ على دوره السياسي نظراً إلى إمكان ممارسة الولايات المتحدة الأميركية نفوذها عليه لوضع شروط على لبنان. وفضلاً عن الخشية من الضرائب والرسوم التي يمكن للصندوق أن يطرحها ويرفض الحزب فرضها كعلاج للوضع الاقتصادي ولخفض العجز”، يضيف المصدر: “كان الحزب مهتما بالبحث عن وسائل تمويل غير تلك المطروحة عبر الصندوق، لكن هذا متعذر وغير وارد عبر القناة الأوروبية أو الدول العربية القادرة التي لا تريد أن توظف أموالاً في لبنان في هذه المرحلة”.

 

وإذ ينصح المصدر بـ”ألا يدخل لبنان وحكومته والوسط السياسي في سجال حول مسألة الاستعانة بصندوق النقد أم لا”، فإنه يشير إلى أن “هناك خيارات عدة في التعاون مع الصندوق منها لبننة الاستعانة به، أي وضع خطة مقنعة من قبل الحكومة لا تأخذ بالضرورة بالوصفة التقليدية التي يطرحها ومناقشتها مع خبرائه لإقناعهم بها. لكن يجب عدم البحث عن تمويل من أماكن أخرى، لن يأتي. ويبدو أن الحكومة والوزراء المعنيين فيها أكدوا أنهم ليسوا بوارد الدخول في سجال من هذا النوع بل هم يلتزمون العمل على التصحيح المالي. والاستنتاج هو أن “حزب الله” يريد نجاح الحكومة في خطواتها في هذا الاتجاه”.

 

هل أن تطبيق سياسة النأي بالنفس تسهّل الحصول على مساعدات مالية يحتاجها لبنان في شكل عاجل؟ المصدر الديبلوماسي الغربي يرى أن “الحديث في البيانات عن النأي بالنفس عن صراعات المنطقة جميل لكن يجب تطبيقه”. ويذكّر بأن “الحكومة السابقة أعلنت التزامها به لكن إدانة (وزارة الخارجية في حينها) اغتيال قاسم سليماني من دون إدانة تصرفات أخرى لم تكن منسجمة مع سياسة النأي بالنفس”.

 

ويشدد المصدر على أن العناوين المطروحة في برنامج الحكومة وبيانها الوزاري لا تكفي لاستعادة الثقة المفقودة بالوضع الاقتصادي المالي في لبنان لأن هذه الثقة تستعاد بخطوات عملية، منها مثلاً إعادة هيكلة الدين إذا اتخذ قرار في هذا الصدد. ويجب الإقدام على قرارات واضحة في هذا الصدد.

 

الحكومة والخارج

 

وعن إمكان المراهنة على أن تتواصل الحكومة مع الخارج وتحديداً مع الدول العربية، وسط معلومات عن دعوات من قطر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، تفيد معطيات الأوساط الديبلوماسية الغربية أن “رئيس الحكومة حسان دياب يرغب في زيارة الكويت والسعودية ودولة الإمارات وقطر، لكن الانطباع أن هذه الدول تفضل مراقبة ما تقوم به الحكومة في هذه المرحلة قبل اتخاذ أي خطوة من هذا النوع، فضلاً عن امتناعها عن تقديم مساعدات مالية. أما بالنسبة إلى فرنسا فإن السفير في بيروت برونو فوشيه أبلغه باستعداد باريس لاستقباله إذا أراد زيارتها، لكنه لم يوجه إليه دعوة لزيارة محددة كي يتم العمل على تعيين موعد لها والأمر يتوقف على دياب نفسه بداية، خصوصا أنه سبق أن أعلن أنه سيسعى إلى القيام بزيارات إلى الخارج بعد الانتهاء من معالجة مسألة الدين المستحق على لبنان والإجراءات التي سترافق ذلك”.

 

ويشدد المصدر الديبلوماسي على “استمرار المراهنة على إمكان إنقاذ الوضع اللبناني من الانهيار، على رغم أن الولايات المتحدة الأميركية تترقب الوضع ويرجح المسؤولون فيها ألا تتمكن الحكومة من أن تقلّع في الإجراءات المطلوبة للحؤول دون الانهيار”.

 

ولا يرى أن “حكومة الرئيس دياب حكومة “حزب الله”، مفضلاً اعتبارها حكومة اللون الواحد أو الاستنتاج بأنها ضعيفة، لأن خطاب الأكثرية (التي منحتها الثقة) أخذ مسافة عنها. لكن يجب الملاحظة أنها تضم شخصيات مستقلة وهناك 4 إلى 5 وزراء قالوا بوضوح إنهم جاؤوا للعمل من أجل البلد وأوضحوا بأنهم سيرحلون إذا وجدوا أنهم لن يتمكنوا من ذلك. كما أن بينهم وزراء من القريبين من الانتفاضة الشعبية. ولدى بعضهم كفاءة عالية”. ويعطي المصدر مثلا هو وزير المال غازي وزني “الذي يدرك جيداً ملفه ويعرف جوهر المشكلة”. كما يلفت المصدر إلى أن “الكلام الذي يقوله دياب للديبلوماسيين يبدو منطقياً وإيجابياً وهو يتصف بالعناد في السعي إلى تحقيق نتائج، ويصعب الحكم على الحكومة الآن لأنها لم تتخذ قرارات محددة حتى الآن”. ولا يخفي المصدر على رغم ذلك أن “الحكومة تأخرت في اتخاذ بعض القرارات التي تشجع على توقع نتائج منها لا سيما في موضوع الكهرباء الذي يعطي وضع الحلول على السكة فيه إشارة إيجابية”.