IMLebanon

لا نظام عربي في ظل نظام عالمي مهتز!

من الصعب الحديث عن نظام عربي حقيقي. كان يوجد في الماضي ما يشبهه بشكل صوري مع تأسيس جامعة الدول العربية. وتحول الى هيكل نظام عربي فعلي مع قيام مؤسسة القمة العربية التي وجدت ليس نتيجة تخطيط استراتيجي مسبق، وانما لدواعي التحديات والاخطار التي تهدد المصير العربي المشترك، مما قاد الى ضرورة اتخاذ قرار عربي مشترك على مستوى القمة. ومع تعاظم الخلافات العربية البينية وتعاظمها وتحولها الى عداء بين دول شقيقة، تضاءل التضامن العربي وانحسر الى حدوده الدنيا، وتجمد عمل الجامعة العربية التي لم تكن فاعلة يوما، وتعطل عمل القمة العربية لتعذر انعقادها! وبعد ذلك تحولت المنطقة العربية الى غابة ثرية بمكوناتها وسائبة بواقعها، وتستمد نظامها وشريعتها من اسمها: شريعة الغاب! وكان من الطبيعي ان يتدفق اليها الصيادون من كل صوب!.

من أسباب عدم وجود النظام العربي غياب الرؤية القومية لدى الانظمة والقادة العرب. واذا كانت موجودة لدى بعض المستنيرين منهم، فانهم في وضع لا يسمح لهم بتصدر قيادة الامة وتوجيهها. وتشعبت مصالح الانظمة وذهب كل منها في اتجاه، لتتقاطع مع محاور الدول العظمى في العالم، بعيدا عن المحور القومي المشترك. ومما زاد في تمزيق النظام العربي وضعف الانظمة العربية ذاتها، هو تعود الرؤى وتناقضها. وذهب البعض الى بناء القوة الذاتية عن طريق القوة العسكرية والامنية والاستخبارية. وذهب البعض الآخر الى مراكمة المال والسلاح والتحالف مع قوة عظمى في الخارج. وبقية الدول العربية ذهبت فريسة الفقر والجهل والضياع. وضعف الرابط القومي بين شعوب الامة، قاد الى ترجيح كفة النزعة الدينية، وهي في حد ذاتها متضاربة في اجتهاداتها، الى حد الخروج عن روح الدين وتعاليمه، كما حدث مع انتشار الفكر التكفيري المتطرف والمتوحش!

ليس في الأفق العربي ما يشير الى امكانية نهوض عربي في المدى المنظور لولادة نظام عربي جديد. ومن الاسباب اعتماد انظمة عربية على دول عظمى هي نفسها تعاني اليوم من النظام العالمي المهتز بشدة، وهو نظام هرم موروث من الحرب العالمية الثانية. وما طرأ من تطورات وتحولات عمودية وأفقية في العالم، يفرض الحاجة الى وضع اسس نظام عالمي جديد وتوازنات جديدة