قامت استراتيجية «الممانعة» الدفاعية عن الوزير السابق ميشال سماحة، في قضية نقله متفجرات من سوريا الى لبنان لإغتيال شخصيات سياسية ولإحداث فتن، على بدعتين قضائيتين: الأولى، في إعتبارها ان «ناقل المتفجّرات ليس إرهابياً». ما يعني أن المتفجّرات التي لم تنفجر ولم تقتل ولم تغتل، لا تندرج تحت بند «الإرهاب»! وهذا ما يشكّل خلافاً للمادة 201 من قانون العقوبات التي جاء فيها:» إذا كانت جميع الاعمال الرامية الى اقتراف جناية قد تمت، غير انها لم تُفض الى مفعول بسبب ظروف لا علاقة لها بإرادة الفاعل، أمكن تخفيض العقوبات على الوجه الآتي: يمكن ان تستبدل عقوبة الاعدام بالاشغال الشاقة المؤبدة او الاشغال الشاقة المؤقتة من 7 سنوات الى 20 سنة». اما البدعة الثانية ، فهي ان سماحة تم «استدراجه» لنقل المتفجرات من سوريا الى لبنان بهدف ضرب محور المقاومة. وبالتالي، فإن ميلاد كفوري أوقع بسماحة، الذي لم تكن لديه نيّة جرمية !
في المحاكمة السابقة، وتطبيقاً لمقولة «الكحل أحسن من العمى»، اعترف ميشال سماحة بنقل المتفجّرات لينكر تهم «الارهاب والقتل»، فكان له ما أراد حلفاؤه، أصحاب التسويغات القانونية السريعة. فما هي استراتيجيته الدفاعية الجديدة التي تملي عليه تغيير إفادته السابقة وإنكار إعترافاته ؟
خلال جلسة محاكمته امس، سأل رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف، ميشال سماحة إذا كان يؤكّد افادته امام شعبة المعلومات ام لا. رفض سماحة تأكيدها، وقال: « لا أؤكّدها، فأنا حينها لم أكن «صافي الذهن» بعدما رأيت كيف اقتحموا منزلي وكيف عاملوا زوجتي». واشار الى انه قبل بداية التحقيق كانت ساعة من الترهيب والصراخ، لافتاً الى انه طلب رؤية اللواء الشهيد وسام الحسن، حيث «خفّت الامور نسبياً» بعد رؤيته.
مصادر قضائية تحدّثت الى «المستقبل» عن أهمية إفادة ميشال سماحة أمام شعبة المعلومات والقضاء، إلّا انها لا ترى فيها قيمة وحيدة، في ظل وجود اكثر من شريط فيديو يظهر تفاصيل اللقاء بين ميلاد كفوري وسماحة في منزل الاخير، هناك حيث كان يأكل سماحة الصبير الـ»منيح للمعدة»، ويخطّط ببرودة أعصاب لتفجير أماكن تضم رجال دين وسياسيين. وبرأي المصادر، فإن سماحة سار في مخطّط قضائي «هزيل»، ظناً من الجهة التي تحميه، انه يمكن ان يكون مقنعاً. وهذا المخطط، بحسب المصادر، قام على ثلاث خطوات. اولاً، اعترف سماحة بنقل المتفجّرات لينكر تهمة «الارهاب والقتل». ثانياً، ركّز في إفادته على منطق «الإستدراج»، محاولاً الإيحاء بأنه لم يكن لديه اي نية جرمية. واليوم، يتراجع سماحة عن افادته التي ادلى بها امام شعبة المعلومات، في مشهد وصفته المصادر بـ»الضعيف». فما من قضية، برأيها، كانت «مبكّلة ومدروسة» كما هي قضية سماحة، متوقّعة أن تحكم محكمة التمييز العسكرية على سماحة بتشديد العقوبة وبزيادتها.
جهات إقليمية ومحلية تقف خلف افادات سماحة، تبثّ إشارات تفيد بأن الأمور عادت الى لحظة ما قبل إعتقال سماحة بالجرم المشهود. فذهن الرجل لم يكن صافياً يوم ادلى بافادته امام شعبة المعلومات، ولا قيمة لأشرطة فيديو بعد استدراجه (علماً ان اجراء شعبة المعلومات من حيث التسجيل والتصوير كان بالتنسيق مع القضاء). وميشال سماحة، الذي اعتبر أنه «أسير سياسي»، يعلم أن الأمين العام لـ»حزب الله« السيّد حسن نصرالله «لا يترك اسراه في السجون». وهو ما لم يفعله قبل التوقيع على الاتفاق النووي، فكيف بعده، حيث باتت قيادات «حزب الله« تتحدّث عن نصر استراتيجي يتيح لها فرض اجندتها «على الناعم» ؟