IMLebanon

سليمان والكتائب: معارضة الهامش “استقلالي” لا انفراط للتحالفات وسط الصراع الإقليمي

استهان العماد ميشال عون دوماً ولا يزال بسواه من المكونات المسيحية على الساحة الداخلية فلم ينجح في تأمين دعم القوى المسيحية، التي اعتبرها دوماً أقل شأناً وتمثيلاً منه منذ تنافسه مع تجمع قرنة شهوان حين كان لا يزال في فرنسا، لانتخابه رئيسا للجمهورية على رغم نجاحه أخيراً في تحييد معارضة رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. وهو يصطدم حاليا بصلابة موقف كل من الرئيس ميشال سليمان ورئيس الكتائب النائب سامي الجميل ازاء موضوع ترقية العميد شامل روكز من أجل ابقاء المجال مفتوحاً أمام تعيينه قائداً للجيش السنة المقبلة. وسليمان وان كان قريباً من قوى 14 آذار كما الجميل الذي هو من ضمنها لا يلتزمان قراراً لتيار المستقبل بالموافقة على ترقية روكز. في الصراع القائم هما يظهران عبر تلاقيهما مع وزراء مسيحيين آخرين حرصا أمام الرأي العام المسيحي خصوصاً على مؤسسة الجيش في ظل رفض العبث بهيكليتها في مقابل استعداد عون لأي وسيلة مهما كانت مكلفة من اجل ضمان مصالحه المباشرة. كما أنهما يظهران استقلاليتهما التي لا تتأثر بحلفائهما وحسابات هؤلاء او اعتباراتهم على نحو جدي، اعتراضا منهما على الارجح على محطات عدة جرى فيها اختصارهما في اتفاقات او تسويات لم تقم اعتبارا لوجودهما او حيثيتهما السياسية. وهو موضوع يمس في العمق ما باتت عليه الانقسامات الكبيرة داخل قوى 14 آذار منذ ميز جعجع نفسه رافضا المشاركة مع حلفائه في الحكومة ثم رافضاً المشاركة في الحوار موسعاً هامشه السياسي في مهادنة مع عون خدمت الاخير بقوة أقله على المدى القريب. فثمة تغييرات كبيرة زحفت في الاشهر الاخيرة الى المعادلة التي رست في البلد منذ 2005 على قاعدة 14 و8 آذار، لكن جملة اعتبارات تمنع انفراطها ما دامت عناوين الاصطفافات الاقليمية طاغية كما تمنع هذه الاعتبارات خلط الأوراق سياسياً بحيث تتغير معادلة التوازن القائم أقله في المرحلة الراهنة. واذا كان حديث الكواليس يتناول ضعف تيار المستقبل وادائه فان هذا الضعف لا يؤخذ في الحسبان في موضوع ممارسة الضغط على أفرقاء يعارضون المس بهيكلية الجيش. وسليمان الذي يحضر منذ بعض الوقت لاطلاق حركة سياسية خاصة به يفترض ان تأخذ لها حيزاً سياسياً لا يمكن ان يتجاهل بناء حيثية لها تقوم على أسس المسؤوليات التي تحملها من جهة وعدم سعيه الى الاستفادة من فرصة تمثله بثلاثة وزراء في الحكومة الحالية من اجل كشف التناقضات في اداء سياسي يرغب ويضغط من اجل تفصيل اداء مجلس الوزراء على حساب مواقفه ومطالبه من جهة اخرى. في حين ان للرئيس الشاب لحزب الكتائب ما يبرر سعيه الى التمايز أيضاً وحض الآخرين على اخذ الحزب في اعتبارهم ما دام التمثيل الحكومي للحزب وازناً أيضاً.

البعض يعتبر ان أفرقاء سياسيين يختبئون وراء الرفض القائم للتسوية المتداول بها في حين انه في كواليس أوساط سياسية عدة، ثمة شبه إجماع على ان موضوع ترقية روكز منفردا هو لعب بمؤسسة الجيش وتالياً فان ضرراً سيلحق بها ايا تكن التسوية التي سينتهي اليها الموضوع في حال اقر باي صيغة من الصيغ. البعض يقول هذا الكلام علناً بحيث يكفي الجدل القائم منذ بضعة أشهر على الموضوع من اجل ان يظهر كم ان هذا الصراع يحاول ان يورط الجيش أيضاً في الحسابات السياسية. والتبريرات المعروفة وفق الجهود أو الوساطات الديبلوماسية التي بذلت على هذا الصعيد أثارت ولا تزال استغراباً كبيراً وغير مفهوم. اذ ان المبررات المعلنة قد تكون في شراء الوقت للحكومة من اجل استئناف عملها حتى لا يبقى التعطيل سمتها وعجزها عن ادارة شؤون الناس نتيجة شروط العماد عون ودعم حليفه “حزب الله” الذي لا يمكن تجاهل أيضاً موافقته على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي متجاهلا مطالب عون بتعيينات امنية تأتي بصهر عون قائدا للجيش ومن ثم العمل على تعويض عون بالضغط على البلد عبر تعطيل مجلس الوزراء من أجل اعطاء رئيس تكتل الاصلاح والتغيير ترضية كبيرة عبر التجاوب في ترقية روكز. وفي الكواليس أيضاً كلام عن ان الرغبة في افساح المجال امام وزير الخارجية جبران باسيل للانطلاق برئاسة التيار هي السبب الرئيسي للضغط لترقية روكز لاقتناع غالب بأن احالة الأخير على التقاعد ستطرح مشكلة جدية داخل التيار وتهدد رئاسة باسيل لاعتبارات تتصل بشخصية روكز التي قد تكون أقرب للتماهي مع ما يمثله عون بالنسبة الى العونيين من باسيل. في اي حال ثمة آراء منقسمة حول هذه المسألة في ظل متابعة دقيقة ويومية لتطوراتها باعتبارها باتت مؤشرا لجملة أمور وفقاً لمصادر سياسية بحيث لم تعد وقفا على موضوع اتاحة المجال للحكومة للعمل ام لا فحسب. وثمة من يرى انه في ظل المساومة السياسية التي تطاول مؤسسة الجيش حتى الآن لا بأس بترقية روكز على قاعدة ان هذا الخيار قد يكون أفضل راهناً من خيار لاحق سيلجأ اليه عون بالتأكيد متى تم انتخاب رئيس للجمهورية وطرح تأليف حكومة جديدة بحيث يطالب بصهريه باسيل وروكز وزيرين في الحكومة وليس باسيل وحده. في حين يرى آخرون ان التعطيل التصعيدي والمستمر للحكومة قد يكون حافزاً لتحريك الاستحقاقات اللبنانية بدلاً من الاستمرار في الستاتيكو الحالي.