على أهمية الأجواء الإيجابية التي خيّمت على أجواء جلسة الحوار الأخيرة التي عقدت في «عين التينة»، إلا أن المعطيات المتوافرة عن هذه الجلسة وما كشف النقاب عنه من مداولات ونقاشات، لا تشير إلى حصول تقدم على صعيد الاستحقاق الرئاسي، بعد حديث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي دعا فيه، إلى إيجاد تسوية سياسية لحل الأزمات الخلافية القائمة في البلد، خاصة وأن ممثل «حزب الله» على طاولة الحوار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أشار إلى أن كلام السيد نصر الله يعكس الموقف المعروف لـ«حزب الله»، في حين كانت تتوقع قوى «14 آذار» أن يبادر النائب رعد إلى تقديم جديد يترجم مبادرة نصر الله، من خلال بعض التنازلات التي تشجع الفريق الآخر على تقديم تنازلات مماثلة لتقريب الحل.
وفي قراءتها لنتائج الجولة العاشرة من الحوار، لفتت أوساط نيابية بارزة في قوى «14 آذار»، مشاركة في الحوار، إلا أن مبادرة السيد نصر الله ما زالت كلاماً بحاجة إلى ترجمة وأن يُقرَنَََََ القول بالفعل، سيما وأن أجواء جلسة الحوار الأخيرة لم تغير في المشهد كثيراً وما زالت الأمور على حالها، ما يعني أن «حزب الله» مدعو إلى تفعيل مبادرة أمينه العام ويكشف عن طبيعة الخطوات التي سيقوم بها لوضع هذه المبادرة موضع التنفيذ، لا أن يقول السيد نصر الله شيئاً ولا يحصل ما يترجمه على أرض الواقع، ما يعني أن الوضع سيبقى على حاله من المراوحة إذا لم يعمل فريق «8 آذار» على استغلال أجواء الوحدة الوطنية التي سادت بعد التفجيرين الإرهابيين في الضاحية الجنوبية، ويعلن فعلياً أنه سيباشر باتخاذ خطوات تنقذ البلد وتحمي السلم الأهلي وتفعِّل عمل المؤسسات وتعيد الاعتبار لدورها، في ظل خشية من أن تضيع قوى «8 آذار» مرة جديدة الفرصة مجدداً وتعود إلى أسلوب المناورة والتسويف لإبقاء حالة الشلل قائمة على كافة المستويات.
وتشدد الأوساط على أن قوى «14 آذار» ما زالت على موقفها بأنها مستعدة لتنازلات من أجل مصلحة البلد، على أساس أن تكون الانتخابات الرئاسية هي البند على جدول أعمال أي تسوية يروج لها، لأنه لا يمكن الولوج إلى حل الخلافات إلا في خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن بعده يصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون جديد للانتخابات، مشيرة إلى أن مواقف فرقاء «8 آذار» في جلسة الحوار في «عين التينة» لم تعطِ انطباعاً مشجعاً بأن مبادرة السيد نصر الله ستأخذ طريقها إلى التنفيذ، إذ لم يظهر أن هذا الفريق حريص على الأخذ بها، وإنما اعتبرها استكمالاً للمواقف السابقة، ما يؤشر إلى عدم الجدية في التعامل معها كما يجب، وهذا ما تتحمل مسؤوليته «8 آذار» بجميع مكوناتها، كونها المسؤولة عن وضع البلد الحالي، في وقت كانت قوى «14 آذار» وما زالت مستعدة لما يتطلبه منها الواجب الوطني لتجاوز الانقسامات السائدة واتخاذ الخطوات التي من شأنها إخراج لبنان من محنته وبما يحصن وحدته الداخلية ويحمي سيادته وسلمه الأهلي، لمواجهة المخططات الإرهابية التي تستهدفه وتريد زعزعة استقراره والعبث بأمنه، مع تزايد المخاوف من عودة التفجيرات بعد جريمة برج البراجنة واكتشاف المزيد من الخلايا الإرهابية في عدد من المناطق، وهذا كله مدعاة للقلق الأمر الذي يفرض على الجميع أن يضعوا مصلحة البلد فوق أي اعتبار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لعدم إبقاء لبنان فريسة للإرهاب والإرهابيين.