المشهد الطرابلسي غارق في فك طلاسم أحجية الإطاحة بالتحالف السياسي
لم تستفق مدينة طرابلس بعد من هول الصدمة التي أحدثها فوز اللائحة المدعومة من وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، على اللائحة المدعومة من تحالف الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي ونواب المدينة وقوى إسلامية، حيث تتعدد القراءات عن الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج التي تركت تداعياتها على المشهد الطرابلسي، الغارق في تفسير طلاسم هذه الأحجية التي أطاحت برؤوس من العيار الثقيل، وأظهرت أن بعض القيادات السياسية في واد والرأي العام في واد آخر، الأمر الذي أحدث هذه الصدمة التي تركت ذيولاً، سيكون لها وقعها على الساحة الطرابلسية في المرحلة المقبلة، في الوقت الذي أثار تغييب المكون المسيحي والعلوي عن المجلس البلدي الجديد، انتقادات وترك مخاوف على العيش المشترك في المدينة، وهو ما دفع أوساطاً سياسية في عاصمة الشمال، إلى الدعوة لعدم تضخيم الأمور واللعب على الوتر الطائفي في المدينة، باعتبار أن ما جرى من عمليات تشطيب حصلت في الانتخابات في عاصمة الشمال، لم يطل المسيحيين والعلويين وإنما طال أيضاً مرشحين مسلمين محسوبين على اللائحتين، والأمر نفسه حصل في بعض القرى والبلدات المسيحية التي تضم أقلية مسلمة، حيث طال التشطيب بعضاً من الأسماء الإسلامية المرشحة، وهو أمر يحصل في كل انتخابات، مستشهدة بكلام لأحد مطارنة طرابلس الذي دعا إلى عدم تكبير موضوع غياب المسيحيين عن المجلس البلدي، بالرغم من أنه كان من الأفضل وجود مسيحيين في عداده.
وتشير الأوساط إلى أن خطوة النائب روبير فاضل بتقديم استقالته احتجاجاً على تغييب المكون المسيحي، لم تلق صدى مؤيداً لدى الطوائف المسيحية في عاصمة الشمال، والتي كانت تفضل أن يتأنى فاضل في اتخاذ مثل هذا الموقف ولا يقدم تالياً على هذه الخطوة، قبل الوقوف على رأي القيادات المسيحية في المدينة والتنسيق معها.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن هناك اتصالات تجري مع النائب فاضل للعودة عن قراره لمصلحة طرابلس، سيما وأن رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس في وارد قبول الاستقالة، عدا عن أن الاستقالة في حال أصر عليها النائب المذكور لا تكون نافذة، إلا إذا تمت تلاوتها أمام الهيئة العامة وهو أمر متعذر الآن، بانتظار أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الأول المقبل.
وفيما عُلم أن أركان الطائفة العلوية في جبل محسن سيعقدون اجتماعاً في الأيام القليلة المقبلة، للتعبير عن رفضهم عدم وجود ممثلين للطائفة في بلدية طرابلس، فإن اتصالات سياسية وعسكرية عالية المستوى جرت مع قادة المجلس العلوي، دعتهم إلى الحكمة والتعقل وعدم القيام بأي ردات فعل قد لا تكون في محلها، الأمر الذي من شأنه أن يترك تداعيات سلبية على الوضع في طرابلس ويعيد فتح صفحة أليمة طويت إلى غير رجعة، مشيرة إلى أن المجلس البلدي الجديد، سيأخذ على عاتقه العمل لمصلحة كل الطرابلسيين من دون استثناء وسيكون أعضاؤه ممثلين لكل مناطق طرابلس وطوائفها وفئاتها. وقد أكد الوزير ريفي أن المجلس المنتخب سيضع نصب عينه تحقيق الإنماء في جميع أحياء عاصمة الشمال وسيكون لكل أبناء المدينة من دون تمييز أو تفرقة، ولن يقصر في مساعدة المناطق المحتاجة والمحرومة، متعهداً حماية العيش المشترك.
لكن في الوقت نفسه، فإن ما تمخضت عنه نتائج الاستحقاق البلدي، سيرسم ملامح خريطة سياسية جديدة سيكون الوزير ريفي محورها، ما سيدعو الجميع في المدينة إلى مراجعة حساباتهم وأخذ هذا الواقع الجديد في الحسبان في الاستحقاقات المقبلة، بعدما ظهر بوضوح أن المزاج الطرابلسي ليس على نفس موجة القيادات السياسية التي لم تقدم لعاصمة الشمال ما تحتاجه، ولم تهتم بمطالبها ومعاناتها، فكان الرد في صناديق الاقتراع، ليكون درساً للذين لا يتذكرون الناس إلا في المواسم الانتخابية.