IMLebanon

صداع له مضاعفات لا خطر على النظام

 

ليس ترحيب ترامب ونتنياهو بالتظاهرات في ايران سوى نوع من قبلة الموت. فلا شيء يساعد النظام على نزع أي مشروعية وطنية وشعبية عن المتظاهرين أكثر من التأييد الأميركي والاسرائيلي لهم. ولا مجال للخطأ في حساب ما لدى الجمهورية الاسلامية من رغبة كاسحة وقدرة هائلة على قمع من وما يخالف الشرعية الإلهية والثورية مهما تكن المطالب.

هذا هو الدرس الذي تعلمه الجميع: قيادات دينية ومدنية وقوى شاركت في الثورة وتباينت مع قائدها في النظرة الى الحكم، فانتهت في السجن أو القبر أو المنفى. متظاهرون في الحركة الخضراء محتجون على ما سمّوه ضياع أصواتهم في الانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٩، مواجهوا الرصاص والعصي وجرى اعتبارهم خونة ولا يزال مرشحهم مير حسين موسوي وزميله مهدي كروبي في الاقامة الجبرية ومتظاهرات يحتجون اليوم على الغلاء ثم يرفعون شعارات سياسية ضد الديكتاتور. ولا فرق سواء كانت تظاهرات هذه الأيام تعبيرا عن ضيق اقتصادي واجتماعي وغضب سياسي محلّي أو بداية تحريك من الخارج كشرارة في تنفيذ الاستراتيجية الأميركية الجديدة ل كبح النفوذ الايراني.

ومن الوهم تصور ان ما يحدث يشكّل خطرا وجوديا على النظام. فالأولوية لدى الحكم الإلهي ليست للمطالب الاقتصادية، وان اعترف الرئيس روحاني بأن الاقتصاد يحتاج الى عملية جراحية كبيرة.

وحين ارتفعت أصوات ضد الغلاء في السنوات الأولى بعد انتصار الثورة، قال الإمام الخميني: هذه الثورة ليست من أجل سعر البطيخ. والاحتجاج على إنفاق الأموال من أجل النفوذ في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن وسواها بدل انفاقها في الداخل لتحسين معيشة المواطنين يبدو نوعا من خدمة الاستكبار أو أقلّه من قصر النظر بالنسبة الى النظام. فالنفوذ في المنطقة هو جزء من الاقتدار الايراني كما قال المرشد الأعلى علي خامنئي. واذا كان العداء لأميركا من أسس الثورة حسب الولي الفقيه، فان تصدير الثورة شرط وجودها واستمرارها في ايران.

 

وكما في طهران كذلك في عواصم المنطقة: كل تحرّك معارض سواء كانت المطالب تجميلية أو جذرية هو جزء من مؤامرة خارجية. وما تراه الأنظمة وراء التظاهرات ليس شعبا محتجا بل أصابع العدو. الأعداء، دائما الأعداء. ومن الصعب على النظام في ايران تجاهل تجربة الاتحاد السوفياتي عندما صار عملاقا عسكريا بساقين اقتصاديين من خزف. صحيح ان التظاهرات عاجزة عن هزّ النظام. ومحكومة بالسيطرة عليها. لكن الصحيح أيضا انها تشكّل صداعا مزعجا للنظام لا أحد يعرف مضاعفاته على المدى المتوسط والبعيد.