لم تحسم أوساط سياسية قريبة من بيت الوسط متى ينجز مجلس الوزراء مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة الا انها تقول ان الرئيس سعد الحريري ملتزم بانجازها في أسرع وقت بالدرجة الأولى، وعلى قاعدة الإلتزام أيضاً بالإصلاحات المطلوبة لإنقاذ الوضع الإقتصادي في الدرجة الثانية. وكشفت هذه الأوساط، أن الحكومة تستند في كل إجراءاتها المرتقبة من أجل تخفيض العجز في الموازنة، إلى الضرورات التي باتت تفرضها الظروف المالية والإقتصادية الداخلية، وليس مندرجات مؤتمر «سيدر». وأكدت أن ما من ضغط، أو شروط مفروضة على لبنان من قبل الدول المانحة، باستثناء إجراء الإصلاحات كمدخل إلزامي من اجل تقديم القروض والمساعدات المالية إلى الحكومة اللبنانية، لافتة إلى أن لبنان هو الذي توجّه إلى هذه الدول وطالب بانعقاد مؤتمر لدعمه، وليس العكس، وبالتالي، فإن كل ما يتم تسويقه عن شروط خارجية أو سيناريوهات ضاغطة مالياً واقتصادياً من المجتمع الغربي على لبنان، لا يستند إلى أية وقائع فعلية، بل يندرج في سياق التراشق والمزايدات السياسية التي لا تقدّم ولا تؤخّر.
ومن هنا، وجدت الأوساط السياسية نفسها، أن خارطة الإصلاحات المقترحة التي سيتم التوافق عليها في سياق مشروع الموازنة في الحكومة، تصب فقط في مصلحة الوطن وتطوير الواقع الإقتصادي وتحسين أوضاع الخزينة العامة من خلال تخفيض العجز وزيادة الإيرادات، ولا تستجيب إلى أية مطالب خارجية أو أهداف مرتبطة بظروف سياسية إقليمية ودولية. وكرّرت هذه الأوساط، الإشارة إلى أن اتفاقاً عاماً قد سُجل على مستوى المراجع والقيادات السياسية والحزبية من أجل اتخاذ قرارات مؤلمة لكل الأطراف من دون استثناء، لأن الأزمة تستلزم تعاملاً مشتركاً من اجل الوصول إلى بدء معالجتها قبل الدخول بعملية الإنقاذ.
وفي هذا المجال، اعتبرت الأوساط أن تقاذف التهم حول الفساد والهدر، وارتفاع وتيرة الإحتجاج في الشارع، والناجم عن انعدام الثقة، لا يخدم الهدف المنشود من الإتفاق الحالي، لأن تضييع الوقت ورمي كرة المسؤولية من ملعب إلى آخر أولاً، ورفض كل الأطراف في تحمّل أعباء الخروج من الأزمة ثانياً، سينعكس بشكل كارثي على الجميع على المسؤولين كما على المواطنين والموظفين.
ولذا، لفتت هذه الأوساط إلى أن حركة الإضرابات تعبّر عن نبض الشارع والضغط الكبير الذي تتعرّض له كل شرائح المجتمع، ولكنها استدركت مؤكدة، أن ما من حلول خارج إطار الإجراءات المطروحة لتخفيض العجز في كل أبواب الموازنة، وليس في باب واحد دون آخر، وذلك بهدف الوصول إلى تخفيض سقف العجز، وتوجيه رسالة إيجابية إلى اللبنانيين المعترضين على إجراءات التقشّف، كما إلى الدول المشاركة في مؤتمر «سيدر»، علماً أن هذه الإجراءات محدّدة بفترة زمنية لا تتجاوز الثلاث سنوات.