بانتظار حوارات آب في قصر «عين التينة»، حيث سيتم البحث في السلة التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن أي تغيير لم يطرأ على صورة المشهد الداخلي من شأنه تعبيد الطريق أمام إنجاح هذه السلة وإيجاد توافق ولو بالحد الأدنى على خطوطها العريضة، بالرغم من محاولة البعض إطلاق بالونات اختبار سياسية تتعلق بالملف الرئاسي، فيما الوقائع على الأرض لا تنبئ بأي تبدّل في المواقف المعلنة أقله من جانب «تيار المستقبل» الذي ما زال على تأييده لترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، في الوقت الذي لا يبدو «حزب الله» مستعجلاً على حسم الموضوع الرئاسي، طالما أنه لا يريد تأمين نصاب جلسة الانتخاب، مشترطاً انتخاب حليفه النائب ميشال عون دون سواه، فيما هو يدرك تماماً، أن هناك عقبات عديدة تعترض وصول هذا الرجل إلى القصر الجمهوري، كونه لا يحظى بالغالبية النيابية المطلوبة لانتخابه، وبالتالي فإن المعطلين يراهنون على أن الرئيس سعد الحريري قد يغيّر في موقفه لمصلحة عون، كما ذهب إلى خيار فرنجية على حساب ترشيح حليفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وانطلاقاً من هذه الصورة، فإن سقف التوقعات لنتائج الثلاثية الحوارية لا يبدو مرتفعاً كثيراً، استناداً إلى المواقف المعلنة، حيث أن هوة الخلافات بين مكونات «8 و14 آذار» لا زالت عميقة، فلكل فريق حساباته المتعارضة مع حسابات الفريق الآخر، في ما يتصل بالعديد من بنود سلة الرئيس بري، بحيث أن ممثلي قوى «14 آذار» في هيئة الحوار، لا يوافقون رئيس المجلس في مبادرته على إجراء الانتخابات النيابية أولاً، قبل الانتخابات الرئاسية، وهذا الموقف ثابت لديهم، باعتبار أنهم لا يثقون بالفريق الآخر الذي قد لا يقبل بالموافقة على انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، بعد إجراء الانتخابات النيابية، لأن لا شيء يلزمه على ذلك، بعدما سبق وأخلّ بكل تعهداته في اجتماعات الحوار السابقة وكيف نفض يده من إعلان بعبدا الذي وقّع عليه في عهد الرئيس ميشال سليمان. ولهذا فإن ثلاثية الحوار المرتقبة، لا يتوقع لها أن تحدث انفراجاً في الأزمة الراهنة، إلا إذا كان لـ«حزب الله» موقف مغاير لمواقفه الحالية، وتالياً قرر حضور جلسة انتخاب الرئيس في 8 آب المقبل، على أن يلي ذلك التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية لإجرائها على أساسه، وهو ما يبدو مستبعداً حتى الساعة.
أما على الصعيد الحكومي، فإن الصورة ليست بأفضل حال، على ما تقوله مصادر وزارية لـ«اللواء»، والتي تتحدث عن واقع أليم تواجهه الحكومة في ما يتعلق بالكثير من الملفات المطروحة على طاولتها، من النفط والغاز إلى التعيينات إلى النفايات إلى الفساد، إلى الواقع المالي غير المريح مطلقاً، والذي يستوجب استنفاراً سياسياً واسعاً لمعالجة مكامن الخلل في المالية العامة، من خلال المسارعة إلى إقرار موازنة الـ«2017»، كونها المدخل لإصلاح مالي حقيقي في البلد، بعد سنوات طويلة من دون موازنة، ما جعل لبنان يواجه ظروفاً مالية صعبة للغاية، إضافة إلى أعباء النزوح السوري المتفاقمة التي تجاوزت الـ15 مليار دولار، على أمل أن يُصار إلى تأمين أوسع توافق وطني بشأن موضوع النفط والغاز الحيوي ليصار إلى عرضه على مجلس الوزراء لإقرار المراسيم، بعد استكمال كافة المعطيات المتصلة بهذا الملف، لا أن تصور الأمور على أنها محاولة فرض أمر واقع على الحكومة في هذه الظروف الصعبة التي تواجهها، ولذلك فإن الرئيس تمام سلام يتمهل في هذا الموضوع، ريثما تنجلي كل الأمور ويصبح توقيت عرضه على مجلس الوزراء مناسباً ومعقولاً، مع الإقرار بأهمية الملف بالنسبة إلى لبنان لمساعدته على تحسين أدائه الاقتصادي وتخفيف الدين على المالية العامة، في إطار سياسة نفطية شفافة تكافح الفساد وتحد منه.