IMLebanon

لا انتخابات في جلسة 28 ايلول

عادت موجة التفاؤل التي تم تعميمها نهاية الاسبوع الماضي وامتدت الى بدايات الاسبوع الحالي، بشأن حلول جدية يجري التداول فيها وقيل انها ستفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الثامن والعشرين من ايلول الجاري الى الانحسار، وتبددت كل الاحلام والطموحات والاماني التي علقت على مشجبها، وعادت الامور الى مربعها الاول، بل لم تكن قد تقدمت قيد أنملة بهذا الصدد، وفق مصدر سياسي مطلع، يؤكد ان جل ما جرى هو تعميم اجواء ايجابية في سياق المسار السياسي العام، كانت مستندة الى قراءات معينة تخلص الى ان الآفاق السياسية والاقتصادية في البلاد مقفلة تماما، وأن كل الامور مجمدة امام الطاقم السياسي الذي بات ينتظر صدمة ايجابية لاطلاق عجلة الدولة والنظام من جديد من خلال احداث بعض الصدمات المطلوبة لاعادة تحريك الامور سياسيا، وان ذلك يتم من خلال الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية اولا، قد يكون العماد ميشال عون باعتباره المرشح الاقوى حتى الان انطلاقا من ان القوة االسياسية الوازنة في البلاد، والتي تملك مفاتيح الحل والربط، ما زالت متمسكة بتقديمه كمرشح أوحد غير قابل للمساومة، ولا بديل عنه.

في ذلك المناخ الايجابي نُسجت روايات، تتمحور حول قرب انعقاد الصفقة الكبرى، التي ستشتمل بلا شك على سلة متكاملة تتضمن قانون انتخابات نيابية جديد يرضي جميع الاطراف من خلال توسيع الدوائر واعتماده النسبية، اضافة الى ارضاء الاطراف الاخرى بتشكيل حكومة متفق عليها برئاسة الرئيس سعد الحريري بالذات تتولى اطلاق المشاريع الكبرى التي من شأنها ان تحرك آليات العمل وعجلات الاقتصاد اللبناني بما يضع حدا للبطالة والكساد، ويعيد بالتالي الى الحياة السياسية رونقها مع النأي الفعلي عن التراشق الطائفي والمذهبي والاتهامات المتبادلة بين الاطراف وتقاذف التهم وتحميل المسؤوليات عن التعطيل.

 في هذا السياق يكشف المصدر السياسي ان ما عُمِّمَ في هذا الاطار لم يكن في الواقع سوى أمنيات ما زالت بعيدة التحقق، باعتبار ان مسببات عدم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ما زالت قائمة كما كانت من ذي قبل، وفي كل مفاصلها الرئيسية، ولا سيما في شقها الخارجي والاقليمي حيث ما تزال القيادة السعودية تمانع انتخاب عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، وما تزال قيادتها تعمل بكل ثقلها على ربط كل الملفات المأزومة في المنطقة ببعضها بعضا، بما فيها الملف الرئاسي اللبناني وكل الازمات المتفرعة عنه، والتي تجمد الحياة السياسية في لبنان، وتعمل بالتالي على ضمها الى الازمات المتشابكة بشكل معقد في عموم المنطقة العربية المأزومة بدءاً من ورطتها المشهودة في الدم اليمني، ومرورا بمشاركتها المعلنة في بحر الدم السوري والعراقي من خلال اللعب على مذهبة الصراع لادامته، والاستفادة من اغراض استنزافاته لجيشين من اقوى الجيوش العربية وهما الجيشان العراقي والسوري، وذلك عبر تغذية التيارات الاكثر تطرفا بالنظريات الوهابية الدينية التي تحض على الكراهية والقتل وتكفير الآخر والغائه، وتمدهم علناً بالمال والسلاح والعتاد ومنظومات الصواريخ التي تشتريها من دول الغرب المصنعة لها، ثم ترسلها الى المقاتلين في سوريا والعراق، وهو ما جعل النخب الاجتماعية الغربية تساجل حكوماتها وتحتج على قراراتها المتعلقة ببيع الاسلحة للسعودية والتي تصل الى ايدي المقاتلين الارهابيين بشكل او بآخر، وشهدت هذه القضية تحديدا سجالات علنية حادة في عدد من الدول الاوروبية والغربية عموما في كل المنتديات وعلى صفحات الصحف، وكان آخر فصولها القرار الذي أصدره  مجلس الشيوخ الاميركي رفض فيه حجب بيع الاسلحة للسعودية وهو الامر الذي قرأ فيه مراقبون امعانا اميركيا في تسعير الصراعات وتغذية الحروب في المنطقة العربية ومدها بكل ما يؤدي الى اطالة أمدها، وبغض النظر عن تداعياتها المحتملة حتى على شعوبها، ما دامت مردوداتها السياسية اكبر وأهم من تكلفتها.

والسعودية التي ما زالت مصرة وبحسب المصدر على خوض كل الحروب في المنطقة وفقا للاجندة المرسومة، ما تزال على موقفها الرافض لفصل الملف اللبناني عن ملفات المنطقة، انطلاقا من نظرتها الى ضرورة وضع كل الملفات المأزومة في سلة واحدة للاستفادة منها في عمليات المقايضة، وبالتالي فانها في هذا السياق ما تزال تمانع من انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لان من شأن ذلك ان يخرج لبنان من السلة، وهي لن تتخلى عن ذلك مجانا.

واضافة الى العامل السعودي فان الاطراف السياسية الداخلية التي كانت تمانع انتخاب عون للرئاسة، ما زالت على موقفها كالرئيس نبيه بري الذي يختلف اختلافا جذريا وكيميائيا مع الجنرال ويشتبك معه في كثير من الامكنة والملفات ولا سيما في ملفات النفط والكهرباء وشرعية المجلس النيابي والتشريع ووزارة الخارجية والتوظيفات، وله من المآخذ على عون ما يكفي لأن يبقيه في المكان الرافض تماما كالرئيس فؤاد السنيورة الذي ما يزال متمكنا من كبح اندفاعة سعد الحريري المستعجل على ترؤس الحكومة العتيدة بأي ثمن تداركا لانهيار منظومة زعامته السياسية، وذلك من خلال «تعويم» خطاب صقور كتلة المستقبل الرافضين لانتخاب عون رفضا تاما ونهائيا، اضافة الى القوة الثالثة في هذا الاطار وهي قوة نواب اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب وليد جنبلاط الذي صحيح انه لا يبدي ممانعة كبيرة في انتخاب عون، لكنه طبعا يفضل الانضمام الى بري والسنيورة في هذا السياق.

وعلى هذه الارضية، يرى المصدر السياسي ان شيئا لم يتغير في ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان بعد يمكن ان نؤسس عليه للقول اننا سنشهد انتخابات رئاسية، وبالتالي فان الازمة ما زالت على حالها، وليس هناك اي بوادر حلول في الافق المنظور في هذا السياق، وليس امامنا سوى الانتظار.