Site icon IMLebanon

لا قضاء على داعش

من دون حل سياسي المعادلة في سوريا قادت الى المشهد السوريالي في فيينا: رفض المشاركة الداخلية في السلطة أدى الى فرض المشاركة الخارجية في القرار. ولم يعد خارج المألوف، وإن كان محل اعتراض وتساؤلات، أن تتكرر في فيينا اجتماعات ضيقة وموسعة للبحث في مستقبل سوريا في غياب السوريين. فما صار مرجعية الحل السياسي، وهو بيان جنيف-١ يوم ٣٠ حزيران ٢٠١٢ جرى الاتفاق عليه في غياب السوريين، وإن نص على حل سوري – سوري بقيادة سوريين. والمجتمعون في فيينا المنقسمون في المواقف من النظام والمعارضة ليسوا وكلاء عن السوريين.

ومن الصعب على الروس والايرانيين التخلي عن الرئيس بشار الاسد في اية عملية سياسية، وإن استخدموا تعابير مرنة ومطاطة. فهم يقاتلون في سوريا لحماية النظام والدفاع عن مصالحهم الاستراتيجية.

ومن السهل على الأميركان والأوروبيين التراجع عن الاصرار على تنحي الرئيس السوري كشرط لبدء عملية سياسية، وإن كرروا القول ان لا مكان له في مستقبل سوريا. فهم قدموا الوعود والأسلحة والتمويل، لكنهم تصرفوا على أساس ان الحفاظ على مصالحهم لا يتطلب استراتيجية متكاملة ولا يحتاج الى ما يتجاوز الضغوط. لا بل ان الروس والايرانيين مارسوا قول الرئيس الاميركي تيدي روزفلت الشهير: تكلم بصوت ناعم واحمل عصا غليظة. أما الاميركان الذين يقودون تحالفا من ستين دولة، فانهم تكلموا بأصوات خشنة وحملوا عصا رفيعة جدا.

لكن المهم هو التركيز على الحاجة الى وقف العنف وبدء مسار الحل السياسي من باب البحث في المرحلة الانتقالية. والأهم هو التفاهم على الخروج من شعار: لا تسوية قبل القضاء على الارهاب، الى سياسة: التسوية هي الطريق الضامن للقضاء على الارهاب. والسبب ان محاربة داعش داخل حرب سوريا التي تجمعت فيها الوجوه المحلية والاقليمية والدولية وطغى الطابع الاهلي المذهبي على البعد الجيوسياسي، هي وصفة للفشل ولتقوية داعش.

اذ في تربة الغزو الاميركي للعراق والسلطة التي شاركته طهران في تركيبتها نمت جذور داعش والعصبيات السنية ضد الحرب الصليبية والجبهة الشيعية فيها. والمشاركة الايرانية في حرب سوريا مباشرة عبر حلفائها الشيعة في لبنان والعراق والباكستان وافغانستان فتحت ملف العصبيات المذهبية علي آخره. والعملية العسكرية الروسية ستأخذ، حتى من دون دعم الكنيسة الروسية لها وغلطة تعبير الحرب المقدسة، طابع حرب صليبية تدفع الى التعاطف مع داعش.

ولا شيء يقضي على داعش سوى حرب لها طابع وطني في وضع سياسي صحي ديمقراطي وتعددي. ومن دون ذلك، فان التفاهم الأميركي – الروسي على سوريا متحدة وعلمانية يبقى حلماً جميلاً في كابوس واقعي. –