IMLebanon

لا نهاية للحل العسكري ولا بداية للحل السياسي

روسيا السورية ليست في وارد الإقدام على أية خطوة سياسية تفاجئ سوريا الروسية. فلا ترتيب منتدى موسكو للتمرين على حوار سوري – سوري كان خارج التنسيق والتفاهم على الفكرة والإطار وأسماء المدعوين الى المشاركة من المعارضين. ولا ما جرى في أيام المنتدى، سواء في جلسات التعارف بين المعارضين أو في جلسات الحوار مع ممثلي النظام، كان خارج التوقعات.

ذلك أن السقف محدد من البداية: لقاء تمهيدي تشاوري للبحث في امكان الانتقال الى الحوار حول حل سياسي في مرحلة ما مع النفي الواضح لاستخدام تعبير المفاوضات. ومستوى المشاركين في التشاور، سواء من المعارضين المدعوين بصفتهم الشخصية أو من ممثلي النظام، ليس من النوع الذي يسمح بالتعمق في البحث أو بالتأثير في القرار. فضلاً عن أن وزارة الخارجية الروسية لم تلعب رسمياً دور الضامن الممسك بمرجعية للحوار. اذ قدمت دار الضيافة فيها للمتحاورين كأنها فندق، وتركت ادارة الجلسات للأكاديمي فيتالي ناومكين رئيس معهد الاستشراق في الأكاديمية الروسية. ولم يكن حضور الوزير سيرغي لافروف احدى الجلسات سوى مناسبة لإلقاء كلمة له لا للمشاركة في الحوار.

وما انتهى اليه المنتدى هو عود على بدء: لجنة لترتيب جولة أخرى في موسكو، والسعي لضمان مشاركة المعارضين الذين قاطعوا والذين اعتذروا عن عدم الحضور احتجاجاً على المستوى البيروقراطي لوفد النظام. فلا ورقة مبادئ موسكو التي قدمها الروسي بنقاطها الثماني كانت مقبولة من المعارضين. ولا الورقة التي اتفق عليها المعارضون في الداخل والخارج خلال اجتماع في القاهرة مقبولة من النظام والروس. ولا الأولويات محل تفاهم أو حتى تفهم. فالأولوية لدى دمشق هي لمحاربة الارهاب. وهي لدى موسكو لمحاربة الارهاب أيضاً مع تقديم القضايا الانسانية وتأخير القضايا السياسية. وهي لدى المعارضين بشكل عام للحل السياسي الذي يضمن النجاح في الحرب على الارهاب.

ومع ان في الخطاب الروسي اشارة الى مرجعية جنيف، فان اللعبة تدار للالتفاف على بيان جنيف-١. والوقائع على الأرض تجاوزت البيان وهيئة الحكم الانتقالية ما دام قسم كبير من الأرض تحت سيطرة داعش والنصرة، وهما ضد النظام والمعارضين وأي حديث عن الديمقراطية، ويمارسان الارهاب والتكفير والذبح.

ولا أحد يعرف كيف تتطور الأمور. ولا شيء يوحي أن التلاعب بمعارضة الداخل والخارج لجهة التكبير والتصغير للادوار يقود أي تغيير جدي. لكن الواضح والمخيف أن المعادلة، حتى إشعار آخر، هي: لا نهاية للحل العسكري، ولا بداية للحل السياسي. وما يزيد من خطورة الاستنزاف المستمر لسوريا وشعبها هو الإصرار على تجاهل كون الأزمة سبقت الحرب التي سبقت الارهاب.