ممنوع الدخول إلى «البارك». هذا، ببساطة، ما قررته بلدية زحلة ــ معلقة «كسراً» لكتاب وزارة الداخلية الذي «كسر» قرارها القاضي بإزالة البسطات من البارك، مطالباً بعودتها إليه «كما كانت عليه الحال سابقاً». قرار وقرار مضاد لا يصح معهما سوى السؤال عن القانون. ماذا يقول الأخير؟
أُقفل «البارك» في مدينة زحلة. منذ أول من أمس، لم يعد هذا الحيّز ــ وهو المتنفّس شبه الوحيد ــ مفتوحاً أمام أبناء المدينة. أُغلقت أبوابه بقرار من البلدية التي اتخذته «مرغمة»، حسب ما يقول نائب رئيسها أنطوان أبو يونس. وهو قرار «لا عودة عنه، على الأقل حتى هذه اللحظات»، يتابع. فهنا، في المدينة التي تعيش على حافة «بركان» قد ينفجر في أيّ لحظة، لن يكون «البارك» هو الفتيل.
كان يمكن ألا يحصل كل هذا. أن ينتهي الخبر عند «إزالة بلدية زحلة ــ معلقة البسطات داخل البارك العمومي، والتي كانت مقررة منذ أربعة أشهر»، غير أنّ «تدخل» وزارة الداخلية والبلديات، أول من أمس، القاضي بإعادة بعض البسطات إلى المكان الذي أُزيلت منه، «قلب الأمور رأساً على عقب واضطررنا إلى اتخاذ إجراء الإقفال»، يتابع أبو يونس.
قبل كتاب الوزير الذي لم تتبلغه البلدية بعد، لا بد من العودة إلى ما قبل أربعة أشهر؛ إلى قرار البلدية بإزالة «البسطات التي تشغل مساحات في البارك العمومي»، مستندة إلى سببين «أوّلهما أنّ أصحابها لا يدفعون ما يجب عليهم لقاء إشغالهم مساحات عامة، وثانيهما شكاوى الأهالي الذين وجدوا أن البارك الذين يأتون إليه لترفيه أطفالهم مجاناً، بات عبئاً عليهم». حينذاك، اتُّخذ القرار بنزع هذه «المخالفات»، ولكن «جرى التوسط لدينا من قبل البعض بتأجيل هذه الخطوة ريثما تنتهي المهرجانات».
بعد انتهاء المهرجانات، أعادت البلدية إحياء قرارها «حيث قمنا قبل ثلاثة أيام، عند الفجر، وبمؤازرة القوى الأمنية، برفع معدات المخالفين ووضعها في مخزن البلدية، وذلك منعاً لإثارة بلبلة»، يقول أبو يونس. غير أنّ الأمور لم تجر كما كانت تأمل البلدية «إذ حضر بضعة مسلحين إلى مبنى البلدية وضربوا الناطور واعتدوا على معداتهم للقول إننا نحن من فعلنا ذلك». لم تقف الأمور عند هذا الحد، «إذ جاءنا كتاب المشنوق، والذي يدعو من خلاله محافظ البقاع القاضي أنطوان سليمان إلى الإيعاز لبلدية زحلة ــ معلقة وتعنايل بإعادة الأكشاك الثلاثة التي تمت إزالتها ومنح أصحابها مهلة ثلاثة أشهر فقط لتسوية أوضاعهم مع البلدية والاستحصال على التصاريح اللازمة، وطلب المؤازرة إلى القطعة الأمنية المعنية لإعادة الحال إلى ما كان عليه».
هنا، «فار التنور»، يقول أبو يونس. فهذا الكتاب «الذي وصلتنا صورة عنه عبر الواتس آب ولم نتبلغه بعد، لا نرى منه سوى الخلفية السياسية التي انطلق منها الوزير». أما كيف؟ يقول أبو يونس إن الوزير لفت إلى أنّ «من يحتلون الأملاك العامة هم جماعة ميريام طوق (زوجة النائب الراحل الياس سكاف)». لا يجد رأس الهرم في البلدية سوى هذا التفسير، «وإلا لماذا لم تتحرك الوزارة عندما أزلنا بسطات سابقاً؟». ويرى أبو يونس أنّ «الكتاب هو مخالفة لقانون البلديات، وتحديداً البندين 49 و51 منه، وكسر لقراراتنا ثانياً»، مشيراً إلى «أننا لن نتبلغه، وقد اتخذنا قرار إقفال البارك كردّ استباقي».
ما تراه البلدية تدخلاً وكسراً للسلطة المحلية لا تجده الوزارة كذلك. تقول مصادر الأخيرة «إن كتاب الوزير ليس تدخلاً ولا تعدياً على الصلاحيات، ولكن كسلطة سياسية مشرفة على الأمن وعمل البلديات يحق لها ذلك». أما ثانياً، فلا خلفيات سياسية، بل لاعتبارات «إنسانية واقتصادية بحتة طلبنا هذا الأمر، خصوصاً في ظل الظروف المعيشية التي تمر بها البلاد»، لا أكثر من ذلك ولا أقل. إذاً، هي ظروف استثنائية، ولكن السؤال هنا: متى صار نزع المخالفات عن الأملاك العامة ظرفاً استثنائياً؟