IMLebanon

لا مفرّ من انتخابات بلدية في أيار “حزب الله” يفضّل تأجيلاً…والداخلية “حاضرة”

على أبواب اللبنانيين تقرع انتخابات بلدية واختيارية موعدها أيار، ووزارة الداخلية والبلديات جاهزة وحاضرة لها قانوناً. انتخابات ستلقي حجراً في مستنقع التمديد وتصريف الأعمال العملي وتعطيل للمؤسسات اعتاده المواطنون حدّ الخمول.

تتقاطع معلومات منذ أشهر عن مواقف الأحزاب والتيارات السياسية الرئيسية من إجراء الانتخابات البلدية والإختيارية، مختصرها أن ثمة غالبية متحفزة لـ”معركة” سياسية وإعلامية فور صدور أي إشارة إلى نية لتمديد ولايات المجالس البلدية والإختيارية وعدم إتاحة الفرصة لتكرار ما سمي بـ”الحراك المدني” ضد كل القيادات والمسؤولين بلا استثناء كما فعل عند محطات سابقة مثل التمديد لمجلس النواب، خصوصاً عندما اندلعت أزمة النفايات. يتطلع السياسيون الذين شعروا بالإهانة من شعارات “كلكم يعني كلكم” التي اتهمتهم بالفساد إلى معركة رد اعتبار سيوفرها لهم الفريق الذي سيقدم على اقتراح ضم البلديات إلى المؤسسات المعطلة انتخاباتها.

والمعركة ستكون رابحة سلفاً، فلا مبرر إطلاقاً لتأجيل الإنتخابات البلدية والإختيارية، وليس لدى من يطلب إرجاءها ما يقوله للناس. الوضع الأمني؟ جيد جداً مقارنة بظروف سابقة حصلت فيها انتخابات وبأوضاع كل دول الجوار والعرب. الخوف من الفتنة؟ إنها نائمة بل مغشي عليها ولن تستيقظ ما دام الأطراف الحزبيون والمذهبيون حرصاء على الحكي والتحاور والتشاور بعضهم مع بعض. القياس على انتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس النواب؟ انتخاب الرئيس يحتاج إلى نصاب مفقود والبلديات لا تحتاج انتخاباتها إلى نصاب. مجلس النواب يلزم لتجديده قانون للانتخابات مفقود ويتعذر التفاهم عليه، أقله حتى اليوم. أما قانون الإنتخابات البلدية والإختيارية فـ”حاضر ناطر”. وأما تأجيلها فيحتاج إلى قانون من مجلس النواب لن يحظى بغالبية بالتأكيد.

ليست الرغبة وحدها في النزول إلى الشارع لقطع طريق على “حراك مدني ما”، وتسجيل سبق عليه، ما يحفّز المتحمسين للإنتخابات الصغيرة والموزعة على أرجاء البلاد. هناك اقتناع عميق لدى الأحزاب والتيارات بأن لبنان متجه إلى إقرار اللامركزية الموسعة عملياً وتطبيقها وفلش نطاقها إلى أقصى حد ممكن في ضوء ثبوت إخفاق السلطة المركزية في حل أبسط مشكلات المواطنين: رفع النفايات من الشوارع ومن تحت الأنوف.

في المواقف كان “تيار المستقبل” سباقاً أول من أمس إلى إعلان تأييده الإنتخابات البلدية في بيان كتلته النيابية الأسبوعي، ولا بد أن وزير الداخلية نهاد المشنوق أطلع الكتلة قبل أي أحد آخر على قضية الإنتخابات البلدية وما حولها. حزب الكتائب كان رئيسه النائب سامي الجميّل منذ أشهر يحذّر في مجالسه من أي حديث عن إرجاء هذه الانتخابات حين يقترب موعدها ويحض أنصاره على الإستعداد للتحرك من أجل فرض إجرائها وخوضها حيث للحزب حضور. حزب “القوات” كذلك يستحيل أن يقبل بانسحاب حال مجلس النواب على مجالس البلديات “ولو نزلت السما على الأرض”، بتعبير نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان لـ”النهار” في تشرين الثاني الماضي، مضيفاً: “سنخوض أكبر معركة سياسية وإعلامية لإسقاط أي تفكير في التمديد للبلديات والمختريات”.

لماذا هذه الاستباقات والمخاوف؟

الواقع أن معلومات تتجمع لدى متابعي الموضوع عن رغبة لدى “حزب الله” تحديداً في إرجاء الإنتخابات البلدية بذريعة انتظار عبور سُحُب الإرهاب المتجمعة فوق المنطقة ومعها أجواء التشنج السياسي والمذهبي، وإلى أن ترسي تسوية ما ركائزها في سوريا من خلال مفاوضات جنيف وفيينا. يقول هنا خصوم للحزب من بيئته إن انشغالاته الحربية المرهقة في الحرب السورية والكلفة الكبيرة التي تكبدها ويتكبدها هناك إضافة إلى أداء سيئ لبلديات محسوبة عليه في المناطق ذات الغالبية الشيعية، شمالاً وجنوباً وضاحية، ستفتح عليه أبواباً يفضل إبقاءها مغلقة في هذه المرحلة، فكيف إذا كانت الإنتخابات ستضطره إلى خوض مفاوضات وترتيبات مرهقة مع حليفته حركة “أمل”، المتطلعة دوماً إلى منافسته بما تيسر لها من إمكانات خدماتية، وأيضاً مع العائلات والعشائر التي يصعب ضبطها في بعض المناطق؟

ويتردد على نطاق واسع أن رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط غير متحمس للإنتخابات البلدية والإختيارية في الربيع هو أيضاً لأنها ستضطره إلى عقد عشرات وعشرات من اللقاءات والإجتماعات توصلاً إلى تفاهمات مرهقة في بعض البلدات والنواحي، ويعكس بعض المطلعين على الإهتمامات في البيئة الدرزية توجساً من احتمال تطبيق طرفي “إعلان النيات” نياتهما في منطقة الجبل، لكن المتابعين يؤكدون أن هذا الاحتمال غير وارد في سياق من التحدي على الإطلاق. “القوات” خصوصاً متمسكة بروح المصالحة في الجبل إلى الحد الأقصى.