تؤكد مصادر ديبلوماسية مطلعة، أن الإتحاد الأوروبي ليس له أي إتصالات على مستوى رفيع مع الحكومة السورية. انما لديه إتصالات على مستوى أقل، لا سيما وإن لدى الإتحاد مكتب مساعدات إنسانية في سوريا، ويرغب دائماً في إستطلاع اوضاعه. من هنا لديه إتصالات مع النظام، لكن على مستوى متدنٍ وغير رسمي وغير فاعل. وينطبق الأمر أيضاً على طريقة تعاطي الامم المتحدة مع النظام. وذلك خلافاً لما يحاول البعض إشاعته وترويجه عن أن عدداً من الديبلوماسيين والنواب في البرلمانات الأوروبية يزورون دمشق في السر وفي العلن، ويجرون لقاءات هناك.
والسؤال الذي يُطرح في هذا الإطار، هل هناك توجه أوروبي جديد حيال التعامل مع الوضع السوري، أم أن منحى الزيارات والإنفتاح والإستطلاع لا ينطبق على كل الأوروبيين وعلى الإتحاد كاتحاد تحديداً؟
في الإتحاد الأوروبي ٢٨ دولة، وهناك دول لم تقطع علاقاتها مع النظام ولم تقفل سفاراتها في سوريا. من بين هذه الدول تشيكيا التي دائماً لديها زيارات إلى دمشق. وهناك الدول التي تقع تحت تأثير روسيا داخل الإتحاد الأوروبي، مثل بولونيا وهنغاريا واليونان وحتى إسبانيا، التي تقول بضرورة التواصل مع النظام. أما الجزء الثالث من الدول، فلديها نواب من اليمين المتطرف القريب من روسيا تزور وفود منهم دمشق. وزارها في الآونة الأخيرة وفد نيابي فرنسي، وآخر بلجيكي. لكن تلك الزيارات لا تعبّر عن موقف أي من هذه الدول رسمياً، بالإضافة إلى أن النظام يلعب لعبة امتلاكه المعلومات حول ما يمكن أن يحصل من عمليات ارهابية، ويريد أن يقدم معطيات لاوروبا حول الإرهاب، مستفيداً من العلاقات التي تربط مخابراته مع شبكات إرهابية معينة، لا سيما وأنه هو راعيها وحاميها ومحرّك عملياتها ومديرها. هذه المستويات من العلاقة الأوروبية مع النظام، كانت موجودة، وقد تكون زادت عما كانت من قبل.
وساهم في ذلك، «الديكتاتوريات» العائدة في بولونيا، وهنغاريا، والتراجع لدى بعض الدول الأوروبية «الشرقية» سابقاً في معايير الديمقراطية. فضلاً عن احزاب اليمين المتطرف التي تحظى بدعم روسي، وتهدف موسكو من وراء ذلك التأثير في الموقف الأوروبي الشامل والأساسي، ومن خلاله على الموقف الأميركي.
لكن كل ذلك، لا يعني أن هناك قراراً أوروبياً بإعادة العلاقة الرسمية مع النظام ومثل هذا التوجه غير موجود، وغير ممكن في الوقت الحاضر، لا سيما وإن الدول الكبرى في الإتحاد مثل فرنسا (هولاند) والمانيا، وبريطانيا، كلها ضد العودة إلى الكلام مع النظام. حتى أن هذه الدول غير مستعدة للمساهمة في إعادة اعمار سوريا إلا لدى حصول إتفاق على التغيير السياسي، وعملية سياسية واضحة. مع العلم أن لهذه الدول الثلاث الثقل الأكبر والطاغي في أوروبا كلها.
وتفيد المصادر، بأن كل بلد أوروبي لديه خصوصية معينة، لكن لا قرار أوروبياً حاسماً في إتجاه العودة عن السياسة الراهنة حيال مقاطعة النظام. انما لا تستطيع فرنسا مثلاً أن تمنع نواباً في البرلمان من التوجه إلى دمشق وإجراء لقاء مع الحكومة السورية بصفتهم الشخصية، فالمرشح فرانسوا فيون قريب من الروس، والمرشحة مارين لوبان تقول بضرورة الكلام مع النظام، أما المرشح ايمانويل ماكرون فغير واضح. وفي الإجمال تبقى نتيجة كل هذه الزيارات وكأنها لم تحصل.
فقد بات واضحاً أن التعامل الأوروبي مع الوضع السوري، مرتبط إلى حد ما بنتائج الإنتخابات في الدول الأوروبية نفسها. ولكن، حتى لو تغيّرت ظروف بعض الدول الكبرى في الإتحاد، فمن المستبعد أن تتغير سياسته.