على مشارف نهاية الأسبوع ومن حيث لا تدري، عادت عرسال واحتلت جزءا من الحدث بانفجارين ، لا يخرجان عن السياق المنطقي في الحرب ضد الارهاب،اذ صحيح ان الانفجار الذي استهدف الجيش مختلف بطبيعته واستهدافه عن ذلك الذي طال «هيئة العلماء»، الا انه يطرح مجددا امن عرسال بعد طول غياب، ودلالات خطيرة ابرزها ان هناك خلايا ارهابية نائمة تتحرك وسط اجندات لا يملك توقيتها الا من يقوم بها.
فغداة تفجير عرسال الذي حمل أهدافا سورية، استهداف آخر لملالة للجيش اللبناني على الأراضي اللبنانية،فيما كان السفير الأميركي الجديد ريتشارد جونز يؤكد دعم حكومة بلاده للإستقرار في لبنان، الا انه طرح علامات استفهام حول الخلفيات وارتباط الحدثين ببعضهما البعض، حيث تورد مصادر مطلعة جملة معطيات تقف وراء استهداف «هيئة العلماء» ترتبط بشكل او بآخر بالجيش، معتبرة أنه إذا كان الهدف من التفجير الأول هيئة مقرّبة من «جبهة النصرة»، فإنّ الغاية من الثاني محاولة إحداث خروق في جبهة الجيش المتماسكة على الحدود، ابرزها:
-الخلاف حول اصرار الهيئة على ابعاد مخيمات النازحين عن اي نشاط عسكري او امني، و«التحريض» داخل المخيمات ضد داعش، من جهة، والتعاون والتعامل مع الاجهزة الامنية والعسكرية في اكثر من ملف مرتبط باللاجئين، الذي اثمر تحييدا الى حد ما لتلك التجمعات.
– الشعبية والنفوذ اللذان بدأت تتمتع بهما الهيئة في اوساط اللاجئين وتأثيرها عليهم، ونجاحها في تولي الأمور الشرعية، وحتى الانسانية، للنازحين السوريين في معظم مخيمات عرسال وجرودها، بالتنسيق مع اتحاد الجمعيات الاغاثية.
– تعامل الهيئة ودورها الايجابي الكبير فيما خص ملف العسكريين الاسرى لدى «النصرة»، بالتنسيق مع الشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية» و«هيئة علماء المسلمين» وبعض الأجهزة الأمنية اللبنانية.
– قربها فكرا وسلوكا الى «النصرة» و«جيش الفتح» و«أحرار الشام»، ويتبادل مشايخها الذين يصل عددهم الى نحو عشرين معمما، العداء الفقهي والشرعي مع «داعش»، كما أن الهيئة تتواصل بشكل مستمر مع دار الفتوى في لبنان ومع ممثليها في منطقة البقاع الشمالي.
-وضع «داعش» بعض مشايخ «هيئة علماء القلمون» على «لائحة الموت» التي تضم أسماء سوريين آخرين و«عراسلة»، صدرت بحقهم احكام شرعية عن التنظيم.
في هذا الاطار، اكدت مصادر عسكرية مراقبة، اعتبرت ان عودة الوضع الأمني في عرسال الى دائرة الضوء بعد التفجيرين يفترض ترقب الوضع في الأيام المقبلة لتحديد ما هو المقصود من وراء هذين الاعتداءين ،مشيرة الى وجود احتمالين، إما أنهما عابران نتيجة ظروف محددة أو انهما يأتيان في سياق خطة للتنظيمات المسلحة المتشددة لاستباق قدوم فصل الشتاء بعد أن أحكم الجيش بتدابيره الرقابية على المعابر وحركة المسلحين، نافية المعلومات عن وضع سواتر تمنع التنقل بين البلدة وبين المنطقة الواقعة بين الجرود ومحيط عرسال، لأن هذه المساحة تضم مخيمات للنازحين يحتاجون لتمرير المساعدات الغذائية لهم، وأملاكاً لأهالي عرسال ، مدرجة هذه الحوادث في سياق المواجهة المفتوحة بين الجيش والمسلحين،حيث الجيش جاهز لكلّ الاحتمالات الخطيرة، ويأخذ الاحتياطات اللازمة لأيّ حرب محتملة قد تقع، وهو يتابع ضبط مخيّمات النازحين السوريين وينفّذ المداهمات بحثاً عن مطلوبين، لكي لا يتحوّل النازحون إلى دروع بشرية، لكنْ من المبكر الحديث عن حرب قد تقع ، مضيفة أنّ وتيرة التفجيرَين تنبئ بإصرار الإرهابيين على مواصلة هذه الأعمال في محاولة منهم لفتح معبر لهم يصلهم بمجموعاتهم على الجانب الآخر من الحدود، متابعة انه بالرغم من كل شيء فإن الوضع العسكري ممسوك، ولا خوف على الوضع في البلاد لكون الاجراءات المتخذة كفيلة بصد اي محاولات من هذا النوع، مطمئنا الى ان «لا آب» جديد كما يخشى البعض، دون استبعاد حصول خروقات امنية محدودة ، وهو امر متوقع في حروب كتلك التي يخوضها الجيش على طول جبهة السلسلة الشرقية، حيث تم احباط العديد من المحاولات التي تم كشفها قبل حصولها، دون الاعلان عنها في وسائل الاعلام.
مصادر مقربة من الثامن من آذار رأت في التطورات العرسالية الاخيرة ما ينبئ بتغيرات وتطورات عسكرية،قد تؤدي الى تبدلات في الستاتيكو الحالي القائم خلال الفترة الاخيرة، متوقعة تسارعا في العمليات العسكرية، مشيرة الى ان مجموعة عوامل تفرض الانهيار الامني ، اولها تعثر المفاوضات في ملف العسكريين وبالتالي التراجع عن سياسة غض الطرف التي كانت معتمدة والتي كانت تراعي الى حد ما مستلزمات التفاوض وامكانية بلوغ العملية النهايات الموعودة والسعيدة، وثانيها الدخول الفعلي في فصل الشتاء وسط التضييق الذي يخضع لها المسلحون والضربات المؤلمة شبه اليومية التي توجهها مدفعية وراجمات الجيش اللبناني في حرب استنزاف اظهرت نجاعتها،وثالثها وصول المعركة في سوريا بين قوات النظام والقوى المتحالفة معها وبين قوى المعارضة الى ريف دمشق والعمل لاستعادة الزبداني والمناطق السورية المحاذية لعرسال وجرودها سيدفع عناصر النصرة في الجرود اللبنانية الى تحرك ما لإحداث تغيير على الارض لفك عزلتها مهما كلفها ذلك خصوصا في حال استمر النظام السوري على رفضه بتوفير ممر آمن لانسحابهم من المنطقة.