المناخ الإيجابي الذي عاد به الوفد اللبناني من واشنطن إزاء احتمال توسيع قرار العقوبات الأميركية ضد «حزب الله» ليشمل شخصيات ومؤسّسات مؤيّدة له، شكّل مساحة من الممكن البناء عليها للتخفيف من القلق على الوضع المالي العام في البلاد. وعلى الرغم من أن المعلومات المتداولة تؤكد وجود مبالغة في الحديث عن العقوبات الأميركية، وبأن القرار الصادر في العام 2014 لن يخضع لأي تعديل، اعتبرت أوساط نيابية مواكبة، أنه من الضروري عدم الإتكال على الموقف الأميركي الحالي والإكتفاء بترقّب ما سيصدر في الأشهر المقبل، والذهاب نحو بذل المزيد من الجهود، وبشكل خاص على المستوى الداخلي، لتحديد الخيارات السياسية التي تشكّل المنطلق للواقع السياسي، وتالياً الإقتصادي والمالي. وربطت الأوساط، ما بين العقوبات والتموضع السياسي للقوى المحلية في الإشتباك الإقليمي الذي زادت وتيرته أخيراً بعد «إعلان الرياض». ولفتت إلى أن الإدارة الأميركية تعمّدت إحاطة هذه القضية بالغموض، ولم تطمئن الوفد اللبناني إلى المدى الذي قد تبلغه في العقوبات المالية، وذلك بهدف ممارسة الضغوط على «حزب الله»، كما على القوى المؤيّدة له، وإن كان أي جديد غير مرتقب في المدى الزمني المنظور.
وفي هذا المجال، فإن غياب الإثباتات على أي تعاون لقوى سياسية حليفة للحزب في الإطار المالي، شكّل دافعاً أساسياً للحملات السياسية والإعلامية الأميركية ضد أكثر من شخصية ومسؤول لبناني. وأكدت أن كل ما طرح وما زال يطرح حول هذه العقوبات لا يعني بالضرورة أن قراراً سيصدر عن الكونغرس الأميركي، ويتناول توسيع مروحة العقوبات المالية ضد «حزب الله»، وبالتالي، فمن غير المفترض الإنجرار وراء التسريبات الأخيرة والإكتفاء بالمعالجة الهادئة السياسية والمالية من خلال معنيين ومواكبين لهذا الملف كانوا قد انغمسوا في تفاصيله منذ العام 2015.
من جهة أخرى، اعتبرت الأوساط المواكبة أن الإدارة الأميركية الجديدة لم تضع بعد خطوطاً عريضة لطريقة التعامل مع العقوبات المالية ضد «حزب الله» وأن المقاربة ما زالت سياسية، لكنها أكدت أن الكونغرس ما زال في إطار المرحلة الأولى في عداد القانون، أي أن هناك دراسة تجري في أروقة مجلس الشيوخ والكونغرس للملف، وإنما ما من شيء نهائي، خصوصاً وأن ما من قرار رسمي حتى الساعة، بل مجرّد مشاورات ومباحثات بين النواب الأميركيين ومسؤولين في الخزانة كما يحصل في كل الإدارات، وكما يحصل في لبنان عندما يقترح أحد النواب مشروعاً وتنطلق مناقشته ضمن اللجان قبل إحالته وإقراره.
وتوقفت الأوساط نفسها، عند تأكيد أكثر من مسؤول أميركي لأعضاء الوفد اللبناني، أن التعاطي مع مسألة العقوبات، يرتكز في الدرجة الأولى على أحكام قضائية. وأضافت أنه ليس في الضرورة أن تكون هذه الأحكام مستندة إلى أدلّة ثابتة وبراهين صحيحة، مذكّرة بأكثر من حكم صدر في السنوات الماضية وتناول شخصيات ومؤسّسات مالية واقتصادية لبنانية، وتبين لاحقاً أنها مجرد ادعاءات لتصدر بعدها أحكام ببراءة كل المشمولين بهذه الأحكام القضائية، وبالتالي، فإن أي حكم يبقى خاضعاً للإستئناف فيما لو ثبت وجود ادعاءات كاذبة من قبل بعض الجهات السياسية الأميركية التي تتشدّد تجاه «حزب الله» وحلفائه.