IMLebanon

ليس لَحمُكِ الرخيص… بل حياتكِ يا لبنانية

بالأمس، ومع انتهاء دوام العمل الرسمي، تأكّد أنّ محمد النحيلي، قاتِل زوجته منال العاصي، سيصبح حرّاً طليقاً بعد أقلّ من 15 شهراً. بالأمس، انقضَت مهلة الشهر ولم تطلب النيابة العامة الاستئنافية أو التمييزية تمييز الحكم المخفّف الصادر بحقّ النحيلي، والذي قضى “بتدليعه” 45 شهراً في السجن “آكِل شارِب نايم”، وذلك لأنه يَتّمَ أولاده، ورَمّد شباب زوجته وأرسلها لتقبع تحت التراب ممارساً عليها أبشع أنواع التعذيب.

أيتها المرأة اللبنانية، انتبهي: إذا كان زوجك يضربكِ ويعنّفكِ أمام أولادكِ، وإذا خانكِ وتزوج عليكِ، لا تفكّري بسواه بل حضّري له كلّ ليلة جاط المياه الساخنة وانتظريه ليعود من عمله واغسلي رجليه ودَلّكيها بالكريمات ودَلّعيه قدر المستطاع.

إنتبهي، لا تشعري يوماً بالفراغ من جرّاء وَيلاته، ولا تنجذبي يوماً لدَلع يَعدك به سواه، لأنه إذا شكّ بأمرك فيمكنه قتلك والتمتّع بعدها بأسباب تخفيفية وبتعاطف القضاء معه لِما فَعلته به! إنتبهي أيضاً، سيقولون إنّ القتل نابع من ثورة غضب إلّا أنّ ثورة الغضب تلك قد تمتد لسبع ساعات من الضرب والتعنيف الوَحشي يرفرف خلالها شبح الموت فوق رأسك ورؤوس أفراد عائلتك.

إمرأة رخيصة!

يَنعت المجتمع الذكوري البالي المرأة بالرخيصة إذا ما ارتدت ثياباً “سِكسي”، ورخيصة إذا ما تفوّهت بكلام بذيء، ورخيصة إذا استسلمت لرجل تحبّه، ورخيصة إذا ما انجذبت لرجل غير زوجها حتّى لو كان هذا الأخير وحشاً يعنّفها و”مُقرّفاً حياتها”، ورخيصة إذا طلبت الطلاق إذ عليها أن “تَنسَتِر” في بيتها الزوجي مهما كانت ظروف العيش فيه قاسية “حتّى ما يِحكو عليها الناس، ويقولو مُطَلّقه” وحتّى لا تفقد حضانة أطفالها، ورخيصة ورخيصة لألف سبب وسبب.

ولكن لا بدّ من الإدراك فعليّاً أنّ المرأة رخيصة لدرجة أنه يمكن لزوجها أن يصدر حكماً مباشراً عليها خلال ثورة غضب تَنتابه فيقتلها، ورخيصة لدرجة أنه بَدل أن يُحاكم ويُعاقب على فِعلته الوحشية والقذرة تُحاكَم هي في قبرها، فتُرمى عليها اتهامات الزنى وتقدّم له الأسباب التخفيفية في المقابل، التي تخرجه من السجن في أسرع وقت ممكن.

وحش “فلتان

منال لم تعد موجودة أصلاً لتدافع عن نفسها ولكنّ جسدها الهامِد يَحكي الكثير. هي ماتت تحت وطأة الضرب المميت الذي تسبّب لها بكدمات في الجبين والعينين والخدين وبجرح عرضه 7 سنتمترات في الفم، وجروح في الكتفين والرقبة والثديين والخاصرتين والمؤخرة وأصابع اليدين، بحسب تقرير الطبيب الشرعي. ولم يكتف زوجها بذلك بل بلغت فصول وحشيته حدّ امتصاص الدم من فمها وبَصقه في وجه والدتها، التي شهدت موتها.

أرخَص من القطّة

تخايلوا أنّ قاتل 3 هِررة في مارسيليا الفرنسية حُكم عليه عام 2015 بالسجن لمدة سنتين، على أن يبقى تحت المراقبة 3 سنوات بعد خروجه، كما منعه القضاء من اقتناء حيوان على الإطلاق! أمّا النحيلي الذي قتل إنساناً، هو زوجته، بهذه الوحشية فيمضي حوالى سنة ونصف إضافية فقط مقارنة بقاتل الهِررة الفرنسيات، على أن يخرج ليتمتّع بحياته وحريته، وكأنّ مُرتكب كلّ الإجرام الذي شهده جسد منال ووَثّقه تقرير الطبيب الشرعي إنسان طبيعي أصلاً! فبَدل عزله عن المجتمع والعمل على معالجته، ارتأت المحكمة تخفيف عقوبته من الإعدام إلى أشهر معدودة ليخرج ويتمكّن من تربية ابنتيه!

ومن يضمن للمجتمع أنّ هذا الوحش البشري المريض المعروف بعنفه وثورات غضبه لن يقوم بقتل زوجته الثانية أو إحدى ابنتيه أو أيّ شخص إذا ما “فَار” غضبه نتيجة لأيّ عمل رآه “غير مُحقّ وعلى جانب من الخطورة” فأتاهَه، كما تنصّ عليه المادة 252 من قانون العقوبات، والتي خُفّضَت عقوبته بناء عليها.

أيّ شرف؟

ناضلت الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني لعقود حتى تمكّنت من إلغاء جريمة الشرف من قانون العقوبات (المادة 262) لكي لا يتمتّع قتلة النساء بأسباب تخفيفة.

ولكن ها هي جريمة الشرف تعود من خلال المادة 252 لتبرّر لأيّ رجل قَتل زوجته بناء على أيّ اتهام يُعنى “بشرفه”، علماً أنّ النحيلي لم يضبط منال أصلاً في “جرم الزنا المشهود وفي حالة الجماع غير المشروع”. وفي مجتمع يدّعي ذكوره الشرف لتبرير القتل، يبقى السؤال: أيّ شرف يتمتّع به قاتل؟!