نفهم الجدال الدائر حول مشاريع وإقتراحات قانون الإنتخابات النيابية. فالحقائق واضحة، أي قانون سيكون له مؤيدون ومعارضون. وستترتب على نصوصه، وكذلك على شكل الدائرة الإنتخابية، نتائج قد تكون لمصلحة فريق على حساب فريق آخر، جزئياً أو كلياً. من هنا هذا الجدال المستعر والذي بلغ ذروته مع الوزير وليد جنبلاط. ومن هنا التصريحات التي لم تتوقف الصادرة عن أطراف عديدة تتبادل الإتهامات والتحذيرات، وأبرزها ما يصدر، يومياً تقريباً، عن الرئيس نبيه بري منبهاً ومحذّراً من أنّ كثيرين يقولون إنهم ضدّ قانون الستين (ساري المفعول) ولكنهم في الحقيقة معه، مستعيناً بالكلام التراثي الذي بات مثلاً سائراً: »سيفهم على الستين وقلبهم معه«.
فليس ثمة عجب في أن تجمع التعليقات والآراء على أننا سائرون الى إعتماد »الستين« رغم هذه الجلبة كلها، وهذه الهمروجة الكبيرة.
وليس ثمة عجب في ما شهدته الساحة في الأيام الأخيرة من حراك أبرزه جزم الدكتور سمير جعجع بأن القوات اللبنانية لن تمشي بأي قانون لا يؤيده جنبلاط، وأتبع كلامه بتكليف النائب ستريدا جعجع الإتصال برئيس الإشتراكي لتبلغ اليه القرار القواتي.
وكذلك الزيارة التي قام بها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل الى مقر حزب الوطنيين الأحرار حيث التقى رئيسه النائب دوري شمعون واعلانهما تحالفاً إنتخابياً نرى انه »وقائي« في محاولة لتدارك ما يمكن تداركه في مواجهة »تسونامي« تحالف معراب. الى ما هنالك من حراك من شأنه، كله، في تقديرنا، ان يصب في مصلحة »الستين«، وربما يدخلون عليه بضعة تحسينات لن تكون جوهرية في أي حال من الأحوال.
إنه الحراك المألوف، وإنها الهمروجة المعتادة قبيل كل موسم إنتخابي… وهذا نوع من المراوحة في المكان والزمان، من دون أي نتيجة جديّة.
ولعلّ هذا الواقع يبقى أفضل من الحلول المجتزأة التي لا تشبع جائعاً ولا تروي عطشاً، أضف انها لا تحقق عدالة. فالمختلط يعني، ببساطة وواقعية، أنّ دوائر إنتخابية سيتمكن المرشحون فيها من الحصول على مقاعد نيابية بنسبة ما ينالون من أصوات، وفي المقابل ثمة دوائر إنتخابية يحصل مرشحون على المقاعد كلها ولو نالوا 51% من مجموع الأصوات… وهذا يفتقد الى العدالة، ويقيم تمييزا بين اللبنانيين، فيعطي القانون الواحد بعضهم حظوظاً للفوز بالنيابة ويحجبها عن آخرين. وتلك بدعة تتنافى وأبسط القواعد الدستورية، وحقوق الإنسان في المساواة.
فإذا كانت النسبية الكاملة غير واردة لألف سبب وسبب، وإذا كانت الدائرة الفردية غير واردة، كذلك لألف سبب وسبب، فليبقوا على »الستين« (ونحن ضدّه سيفاً وقلباً) أقله كي لا يفرضوا علينا أي قانون مجتزأ يجثم على صدور اللبنانيين (صدورنا وصدور أبنائنا والأحفاد) عقوداً طويلة وهو يفتقر الى أدنى معايير العدالة.