IMLebanon

لا… للانتقائية!

 

تناولنا أمس، في هذه الزاوية، الفساد الإداري (وهو جزء جزيء من الفساد المستشري على نطاق واسع في البلد).  واليوم نتناول الوجه الآخر للعملة وهو الإصلاح. فالكلام على الفساد لن يوصل إلى نتيجة إذا ما لم ترافق مكافحته  عملية إصلاح مستدامة، فلا تتوقف تحت أي ظرف.

 

الفساد موجود  في العالم كلّه. ذلك أن فلسفة «المجتع الإستهلاكي»  التي قادتها الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية والتي تفشّت، كالوباء، في مختلف أنحاء العالم رافقتها ظواهر عديدة يمكن اختصارها بالشعار الآتي «قيمة الإنسان بأمواله». وهو شعار خاطئ ومسيء الى الكرامة الإنسانية بالتأكيد… هذا من حيث المبدأ. أما من حيث الواقع فالشعار معمول به على نطاق واسع، إذ صار البحث عن المال والجاه وراء معظم متاعب الحياة نفسياً واجتماعياً وأخلاقياً. فأُسقطت الكرامة من أجل المال. واستبيحت القيم من أجل المال.

 

لقد نهى السيد المسيح من «عبادة» المال: «لا تعبدوا ربّين: الله والمال». وفي إنجيل متى (24:6) وردت العبارة الآتية كما قالها السيد يسوع المسيح له المجد: «لا يقدر أحدٌ أن يخدم سيّدين، لإنّه إمّا أن يُبغض الواحد ويُحبّ الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال». وطبعاً تغلّبت «عبادة» المال على عبادة الله تعالى في الناس عموماً، وعندنا في لبنان بات الحصول على الثروات «كيفما كان» هدفاً أثيراً. وذات زمن هزِئ مسؤول كبير من الرئيس/ الضمير الدكتور سليم الحص لأنه اضطر للاستدانة لتأمين الضمانة المالية وكانت يومذاك فقط عشرة ملايين ليرة وسمعت ذلك المسؤول يقول: بسخرية مقزّزة وبأسلوب رخيص: «ليك وين بعدو هيدا… عمل رئيس وزارة مرات وما معو مصاري؟!». وكأنّ دولة الرئيس سليم الحص رجل الدولة الآدمي والعفيف والنبيل مجرّد «هيدا» ولا قيمة له إلاّ بأمواله.

 

هذه «الثقافة» اجتاحت لبنان على نطاق واسع وتركت آثارها الكارثية على هذا الوطن وأهله، فانتقل من الإزدهار الى الفقر ومن التصنيف في مقدمة بلدان العالم الثالث الناهدة إلى التطور والرقي (…) الى ذيل لائحة البلدان المتخلفة بالرغم مما لهذا الشعب اللبناني من تاريخ مجيد خصوصاً لجهة إسهامه في الحضارة الإنسانية.

 

في أي حال، إذا كان القوم جادّين في مواجهة الفساد المستشري يفترض (في تقديرنا المتواضع) اعتماد بضعة تدابير:

 

 

1- وقف رمي التهم بالفساد جزافاً. ومن عنده معلومات فليتقدم بها الى المرجع القضائي الصالح وهو المخوّل اتخاذ قرارات الظن والاتهام.

 

2- تنفيذ «من أين لك هذا؟»… ألا، رحم الله العميد ريمون إده.

 

3- منع السياسيين (بحزم) من التدخل في القضاء ليستعيد مهابته فيتمكن من حسن تأدية الدور.

 

4- ضبط طريقة تعامل القوى الأمنية والأجهزة مع الفاسدين وعدم تغطية فسادهم وطبعاً عدم المشاركة فيه.

 

5- ملاحقة الفاسدين والمفسدين، وألاّ تكون انتقائية.