Site icon IMLebanon

الوظيفة للكفاية لا للطائفة

قال المرحوم فضل المقدم، وهو يودّع منصبه، كرئيس لدائرة التربية الوطنية في الشمال، إنه يغادر الوظيفة، وهو مرتاح الضمير، ومطمئن على سلامة الوطن، وعلى مستقبل الانسان فيه.

إلاّ أنه كانت له عبارة قاتمة، مفادها ان كل انسان فيه، يرى مستقبله ومصلحته، أولاً، ولا يعير مصالح الوطن أي اعتبار.

رحل المربي الكبير، وبقيت عبارته الأخيرة في الوطن الصغير، تغرّد كما يغرّد الآخرون في الأساليب الالكترونية والتواصل الاجتماعي.

غادر السادة النواب المجلس النيابي، وأرجأوا اجتماعهم الى الثلاثاء المقبل.

وعقّب مسؤول في الدولة، على ما حدث بقوله ان المصالح كسبت المعركة حتى الآن، ولا أحد يدري، ما سيحدث بعد أسبوع.

المهم، ان السادة النواب اشتغلوا واتفقوا على نقاط، واختلفوا على أخرى.

إلاّ أن الوطن بقي معلّقاً على خشبة المصالح، وراح كل منهم يفتّش عن طرائق تكسبه الفوائد، ولا تجعله يخسر المصالح.

هل قضية وطن، معلّقة على مصالح شخص؟

وقف القاضي الكبير عاطف النقيب ذات يوم بعد اختياره رئيساً للقضاة، في وطن لا يعطي وظيفته لقاضٍ من طائفته، إلاّ أن البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، كان في طليعة مهنئيه، لأن الوظيفة أعطيت باريها.

هل ما كان يحدث في الأيام الغابرة، يحدث الآن؟

بالطبع لا.

والسبب يعود ان لبنان أصبح ل ملوك الطوائف.

لا لأرباب الجدارة وروّاد المعارف.

وان الوظيفة للطائفة لا للكفاية.

حسناً فعل نواب التيار الوطني الحر ونواب القوات اللبنانية، عندما اتفقوا على مشروع الجنسية، والأمل يحدو الكثيرين، بأن يتفق الآخرون حتى يوم الثلاثاء المقبل، على مشروع قانون الانتخابات النيابية.

والأمل بات كبيراً، بأن يتفقوا على مشروع الوزير أكرم شهيّب للنفايات.

والمشروع رحّب به الكثيرون، ويجب ألاّ يتوقف مصيره على الاجماع، لأن لا مصلحة لأي وطن، ولأي مشروع في كنف الاجماع، كما قال رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.

البلاد، بلا رئيس جمهورية.

هل تصبح أيضاً، بلا قوانين، ترعى شؤونها؟

أمام السادة النواب بضعة أيام، قبل طيّ الأيام المفجعة الباقية، قبل انتصاب الشهر المقبل، في وجه الجميع.

وقف، ذات مرة الرئيس بترو طراد في وجه عدد من السياسيين، منتقداً اداءهم السياسي، ومؤكداً، على أن الحراك السياسي هو قبلة أنظار الجميع، لكن حرية الفكر والرأي، لا تفسد في الودّ قضية.

والقضية، تابع، هي الدستور الذي هو الحكم بين الجميع. والحكم بين المراجع.

إلاّ أن ما يحدث اليوم، ان لكل طائفة دستورها، ولكل حزب قوانينه.

وفي رأيه ان الاختلاف في الرأي مفيد، والخلاف بين مكونات الوطن كارثة.

من حق كل مواطن، ان يكون له رأي. في مذاهب البلاد، أما اليوم فان المذهب الوحيد السائد، هو مصلحة الطائفة لا الوطن.

ذهب موظف حديث الى أصدقائه، ليقول لهم انه يكاد يخسر مرجعيته السياسية في بلد المرجعيات.

وعندما سئل عما يعنيه، أجاب بأنه جاء من الخارج بعلومه والشهادات، لكن وجد داخل الوطن، ان مرجعيته هي الطائفة لا الشهادة.

هل كان هذا يحدث قبل نصف قرن.

بالطبع لا.

إلاّ أن الرضوخ لتعاريف مصطنعة، هو غير التعايش مع دستور قائم على العلم. وسائد في معارج التقدّم والفلاح.