IMLebanon

لا حكومة من دون تنازلات

 

لم يعد أحد، يتأمل في أن يُسفر الاجتماع المرتقب اليوم السبت بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، عن ولادة الحكومة العتيدة التي وعد بها الرئيس المكلف بعد آخر اجتماع عقده مع رئيس الجمهورية قبل حوالى عشرة أيام، الا إذا أخذ بشروط رئيس التيار الوطني الوزير جبران باسيل، وآخرها إما أن يُشكّل حكومة تكون الغلبة فيها للتيار وحلفائه وينزل بها إلى مجلس النواب لتنال ثقته المضمون ساعتئذ واما ان يُشكّل حكومة من دون التيار وينزل إلى ساحة النجمة ليسقط هناك هو وحكومته، وهذا ما معناه ان لا حكومة ستولد في الاجتماع المرتقب بين الرئيسين، وان الرئيس المكلف قد يعدل عن زيارة بعبدا هذا الأسبوع، ويغادر البلاد كما كان مقرر سابقاً، وتبقى الأزمة الحكومية في حالة المراوحة إلى ما شاء الله، لأنه إذا كان المطلوب من تصعيد الوزير باسيل دفع الرئيس المكلف الى الاعتذار عن مهمة التأليف، بعد ما تعذر عيه التأليف أو اليأس وبالتالي تقديم مزيد من التنازلات فإن كلا الأمرين ليس وارداً عند الرئيس المكلف ولن يصبحا واردين مهما اشتدت الضغوطات عليه من رئيس التيار الوطني الحر.

فالرئيس المكلف قدم هو وحلفاؤه كل التسهيلات المطلوبة لولادة الحكومة ضمن الاطر أو المبادئ التي وضعها والتي من شأنها ان تحافظ على التوازن داخل الحكومة ولا يستأثر فريق بقرارات مجلس الوزراء كما يطمح رئيس التيار الوطني الحر، وكما أكد في طلته التلفزيونية مع الزميل مرسال غانم، ولا يجد أي مبرر لتقديم مزيد منها تحت الضغوط التي تمارس عليه، وهو في الوقت نفسه لن يتخلي عن صلاحياته التي منحه إياها الدستور أو يُعيد تجربة التسوية الرئاسية التي قدم فيها هو وحلفاؤه تنازلات كبيرة لم تكن في حسبان أحد.

قد يكون رئيس التيار الوطني يعرف كل هذه الأمور، ومع ذلك صعَّد في مقابلته التلفزيونية بدلاً من أن يتواضع لمصلحة العهد الذي يخسر من رصيده في كل يوم يمر والبلاد من دون حكومة، فهو يعلم ذلك علم اليقين، وإذا كان لا يعلم فالعالم حوله أبلغه هذا الأمر بكل صراحة ووضوح، كما فعل الرئيس الفرنسي ماكرون قبل لقائه الرئيس اللبناني وبعده.

البلد لا يحتمل التأخير أو التأجيل في تشكيل الحكومة العتيدة التي تنتظرها مهام كثيرة، فهي بالإضافة إلى الإصلاحات البنيوية المطلوبة منها للحصول على المساعدات المالية التي أقرت في مؤتمر سيدر وغيره من المؤتمرات الدولية بحاجة أكثر إلى وقف التردّي الحاصل في بنية الدولة الاقتصادية والتي تُهدّد كما يقول خبراء الاقتصاد والصناديق الدولية بكارثة تحل على رؤوس جميع اللبنانيين من مسؤولين وغير مسؤولين ولا تستثني أحداً. فهل يقبل رئيس الجمهورية بهذا الأمر ويعمل بما يريده باسيل، أم يستدرك الخطر الداهم ويقدم هو بنفسه التنازلات المطلوبة؟.