أمس اللبنانيون كانوا يتطلعون بعقولهم وقلوبهم، وليس بأعينهم فقط، إلى المدرسة الحربية.
أمس الجميع شاخصون إلى ما تبقَّى من آمالٍ في مؤسسات في هذا الوطن.
أمس شعر كل لبناني أنَّ العيدَ عيده وأنَّ السيف سيفه وأنَّ النجمة نجمته.
أمس اُعيدَ الرونق إلى ثلاثية الشعار شرف تضحية وفاء.
أمس تأكد اللبنانيون مرة جديدة أنَّ وحدتَين راسختين هما:
وحدة الأرض، ووحدة المؤسسة العسكرية، وهاتان الوحدتان كفيلتان بوحدة الوطن وباستحالة زعزعته وتصدعه.
أمس، وبعدما شاهده اللبنانيون، تأكَّد الجميع أنَّ الوطن بخير وأنَّ استعادته عافيته مسألةَ وقت.
لكن، في المقابل، وبهدف عدم الإفراط في الفرح، فإنَّ الواقعية المنطقية تستدعي الإضاءة على تحدياتٍ يواجهها الجيش، ولا بدَّ من معالجتها في توقيتها المناسب:
أول التحديات الكشفُ عن مصير العسكريين لدى داعش وهذه المرارة يجب أنْ يُوضع حدٌ لها أياً تكن الإعتبارات.
ثاني التحديات، احتياجات الجيش، فمن المعروف أنَّ الجيش في حال استنفارٍ منذ سنوات، وتحديداً من اندلاع الحرب السورية في آذار 2011. ستة أعوامٍ ونيِّف على هذه الحرب، والجيش اللبناني يُستنزَف:
من الإرهاب المتنقِّل، إلى السيارات المفخخة، إلى الأحزمة الناسفة، إلى خطف العسكريين. هذا عدا عن تحديات الداخل المتمثلة بالحفاظ على الأمن حين تضطرب الأمور بسبب الشارع والتحركات المطلبية.
هذه التحديات لها احتياجات، وحب الجيش لا يكتمل إلا بتأمين الإحتياجات له، وليس فقط بالإشادة وبالأناشيد.
فالجيش كما هو حاجةٌ كذلك لديه احتياجات، وهو لا يستطيع أنْ يقوم بواجباته وبمهامه ما لم يوفَّر له ما يحتاج اليه.
في العيد الثاني والسبعين لتأسيس الجيش اللبناني، لا يبدو هذا العمر هو عمر الكهولة، لأنَّ الجيش في تجدد دائم وفي شباب دائم. وما تخريج الضباط أمس سوى جزء من هذا التجدد وهذا الشباب.
والجيش الجاهز دائماً للإستشهاد هو جيشٌ لا يموت، وقد غرد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على صفحته على تويتر، فكتب:
الإستشهاد يرفع الإنسان إلى مستوى القداسة، وإذ نتذكّر شهداء جيشنا، ننحني أمام أضرحتهم مصلّين.
وفي حفل المدرسة الحربية، وقف فخامة الرئيس ميشال عون حيث وقف منذ تسعة وخمسين عاماً، حين تسلَّم سيفه، وخاطب العسكريين:
لا تراجعٍ أمام الإرهاب بجميع وجوهه وتنظيماته. والجيش على جهوزية دائمة لمواجهته، وكذلك مؤسساتنا الأمنية. وقد كان لبنان سبّاقاً في حربه على الإرهاب، فالجيش واجه الإرهابيين في محطات متتالية ونجح في تعزيز الإستقرار السياسي والأمني في البلاد، وتثبيت السلام على حدودنا الجنوبية، بفضل التفاف الشعب حوله، وتمسُّك لبنان بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة. وعلينا أن نستثمر هذا الإستقرار، كمسؤولين سياسيين، في تحقيق نهضة اقتصادية يتوق إليها اللبنانيون.
جرعةُ دعمٍ للجيش اللبناني، عشية المواجهة التي لم تُحدَّد ساعة الصفر حيالها، ومتى تحددت، الجميع وراء الجيش.