Site icon IMLebanon

لا أفق لأيّ تسوية رئاسية

يَخرج المطّلعون على ما يَجري في الداخل والمنطقة بانطباع متشائم حول إمكان التوصّل إلى أيّ تسوية رئاسية قريبة.

في الداخل لا يزال العماد ميشال عون مصِرّاً على الترشّح، ولا يزال حلفاؤه مصِرّين على اعتباره مرشّحاً وحيداً، وهم ، وعلى رأسِهم حزب الله يَدعمونه جزئياً في عملية تعطيل الحكومة، وربّما يصلون معه الى الضغط على الرئيس تمّام سلام للاستقالة، لشعورِهم أن لا فارق كبيراً بين أداء الحكومة الحاليّة وأدائها في حال تحوّلَت حكومة تصريف أعمال.

في الخارج تستعدّ المنطقة لمواجهة طويلة بين إيران والسعودية، والتي بدأت من اليمن إلى سوريا والعراق ولبنان، بدعمِ الحلفاء، في مقابل توَقّع توَغّل إيران أكثر بعد توقيع اتّفاقها النووي مع الدوَل الكبرى، في إطلاق العنان لحلفائها، واتّباعها مزيداً مِن محاولات السيطرة على دوَل المنطقة.

المواجهة السعودية – الإيرانية، بحسب مراجع سياسية، مرشّحة لأن تطولَ وتشمل كلّ الجبهات، وما بدا من أداءٍ صلب ودينامية للقيادة السعودية الجديدة، يعطي مؤشّراً إلى معالم المرحلة المقبلة.

ففي اليمن على سبيل المثال استطاع السعوديون أن يبدأوا مرحلة صدّ النفوذ الإيراني، من دون أن يدفعوا أكلافاً بشَرية، من خلال تحريك سلاحِهم الجوّي، والبَدء في وقتٍ متزامن بتنظيم القوات اليمنية المؤيّدة للرئيس عبد ربّه منصور هادي، وهم نجَحوا حتى الآن في بناء رأس جسر في محافظة عدن سيتوسّع تدريجياً إلى المحافظات الأُخرى.

لقد ذهبَ زمن الخطوط المفتوحة بين طهران والرياض، وانقطعَت الزيارات المتبادلة (إحداها قامَ بها الأمير بندر بن سلطان قبل سنوات) والاتّصالات، وسقوط عدن في يد الحوثيين أسقَط كلّ أملٍ بتفاهم الحد الأدنى. باختصار، ترى السعودية في إيران أنّها الخطر الأوّل الذي يجب مواجهته، وهذا الانطباع يَخرج به كلّ زائر للسعودية هذه الأيام.

في سوريا تتبنّى السعودية سياسة بناء تحالفات مع الأتراك لإسقاط النظام السوري، ولا صحّة لكلّ ما قيل عن تواصل سعودي مع النظام، في سوريا سياسة المواجهة السعودية مع إيران مستمرة، وكذلك في العراق، حيث ترفض السعودية التغَلغُل الإيراني، وتسعى عبر قيادتها الشابّة، إلى تنظيم تحالفات قادرة على المواجهة، وفي كلّ ذلك ترفض أيّ اتّجاه للاعتراف بالأمر الواقع على الأرض، بما فيه رسم الخطوط المفترضة التي قد تؤدّي إلى التقسيم على أساس طائفي أو مذهبي.

أمّا في لبنان، فقد حرصَت السعودية على مساعدة حلفائها في مواجهة حزب الله، وكلّ ذلك وفق قاعدة، أن اتّفِقوا على الخيار الذين تريدون، واستمِرّوا في ترتيب شؤونكم الداخلية، واتّخِذوا القرار الذي يناسب في كلّ الملفات ومنها الملفّ الرئاسي، «ونحن مع ما تتّفقون عليه»، والكلام هنا موجَّه إلى قادة 14 آذار.

تبعاً لهذه المناخات التي لا توحي بالتسوية القريبة في الملفّ الرئاسي، بفعل المواجهة السعودية ـ الإيرانية، وربّما الأدقّ «الفيتو» الإيراني الذي يَمنع الإفراج عن انتخاب رئيس للجمهورية، والذي يتلطّى بترشيح عون، يستمرّ الوضع على ما هو حتى إشعار آخر، وسط توَقّع شَلّ عمل الحكومة جزئياً، وانعدام فرَص ولادة مبادرات رئاسية داخلية، على طريقة طرح أسماء جديدة توافقية.

كان المشهد قد رسا منذ أكثر من سنة على ترشيح لعون، وآخر للدكتور سمير جعجع، ومبادرة لـ 14 آذار استعداداً للانسحاب مقابل رئيس تسوية أجهضَها حزب الله، أمّا اليوم فيبقى المشهد ذاته من دون وجود احتمال للتغيير، فقوى 14 آذار اتّفقَت على عدم التقدّم خطوةً إلى الأمام، في موضوع طرح اسم تسوية، ما دامَ عون مرشّحاً أبَدياً، فحرقُ الأسماء لن يفيد، طالما لن تفرجَ إيران عن الاستحقاق الرئاسي، ولن توعِز لحزب الله بالجلوس على طاولة التسوية مثلما فعلَت في مؤتمر الدوحة، ولهذا فإنّ عمرَ «فخامة الفراغ» مرشّح لأن يطول.