IMLebanon

لا استقلال ما دام هناك سلاح خارج السلاح الشرعي

 

لا يوجد لبناني واحد إلاّ وتصل «الفرحة الى القرعة» لديه حسب المثل الشعبي في ذكرى الاستقلال، فالمناسبة غالية على قلوبنا، ذكرى يوم اتفق الزعيمان الكبيران بشارة الخوري ورياض الصلح، زعيم مسلم وزعيم مسيحي، على توحيد لبنان وعلى استقلاله.

 

وكما هو معلوم كان لبنان تحت الانتداب الفرنسي… وكما هو معلوم أيضاً فإنّ الانتداب الفرنسي بالرغم من «أناقته» يبقى إنتداباً، وكلمة إنتداب مكروهة لدى الشعب، فهي إشراف وحكم من الاجنبي على أهل البلد الذين ليس لهم القرار الأخير، إنما عليهم أن ينفذوا ما يقرره المنتدب.

 

هذا في التاريخ.

 

أمّا في الحقيقة فقد استطاع زعماء لبنان بتوحّد كلمتهم بعد صفوفهم ورفضهم الانتداب أن يجبروا الفرنسي على الإقرار باستقلالهم وفي وقت لاحق انسحاب جيوشه من لبنان، وقيام الاستقلال اللبناني.

 

ولا ننسى أنّ معظم زعماء لبنان، بداية القيادات التي اعتقلها الانتداب وأودعهم في سجن قلعة راشيا وهم: الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح ثم كميل شمعون وعبدالحميد كرامي وعادل عسيران ويوسف سالم، والذين انتفضوا خارج الاعتقال وهم: صبري حمادة والأمير مجيد أرسلان وصائب سلام وحبيب أبو شهلا الذي تولى دور رئيس حكومة الانتفاضة ومقرها بشامون، وبيار الجميّل الذي تصدّر تظاهرة الشارع وسواهم كثر.

 

وحصل ذلك فكان الاستقلال.

 

وكما هي الحال دائماً، فالبلدان الصغيرة تكون دائماً محط أطماع من أشقاء وغرباء وأعداء.

 

انتهى زمن الانتداب الفرنسي ولكن لم تنتهِ الحنكة البريطانية من التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية بما فيها التحكم في «تعيين» الحكام… حتى ولو كان ذلك تحت واجهة الانتخابات.

 

بعد ذلك، في 1958 تدخل الاميركي وعبدالناصر، تحت ذريعة أنّ هناك ثورة ضد رغبة الرئيس كميل شمعون بالتجديد ولاية ثانية.

 

خرجنا من الانتداب ودخلنا تحت الوصاية…

 

وارتكبت لاحقاً أخطاء كبيرة بحق لبنان أبرزها خطأ 1969 بإقرار «اتفاق القاهرة» الذي نصّب الفلسطيني شريكاً في القرار اللبناني السياسي والأمني، وقامت في لبنان دولتان: اللبنانية والفلسطينية.

 

ثم جاء دور سوريا خصوصاً عندما قام حافظ الأسد بالحركة التصحيحية وآلت إليه مقاليد الحكم في سوريا، فكانت بداية الهيمنة السورية، إلى أن جاءت أحداث 1975 في بداية الحرب، حيث حصل اتفاق جديد بين اللبنانيين والفلسطينيين (اتفاق الرياض) الذي جاءت بموجبه قوات الردع العربية، وبات التدخل السوري عسكرياً وعلى مراحل.

 

الأولى: في المصنع (على الحدود)

 

الثانية: في شتورة

 

الثالثة: في صوفر

 

وهذا كله جرى في العام 1975.

 

وبدأت المنافسة الشديدة بين أبو عمار وحافظ الأسد على لبنان، وكان اللبنانيون يدفعون الأثمان الغالية.

 

وأدّى ذلك الى احتلال لبنان على مرحلتين: 1978 (الاحتلال الاسرائيلي وقيام «دولة» الشريط الحدودي بقيادة سعد حداد.

 

1 Banner El Shark 728×90

 

وفي العام 1982 كان الاجتياح الاسرائيلي الكبير، وكانت بيروت أوّل عاصمة عربية يحتلها العدو الاسرائيلي الذي أخرج المقاومة الفلسطينية من لبنان بعد 100 يوم من الحصار المضروب بقوة على العاصمة.

 

طبعاً، الاحتلال الاسرائيلي زاد الحرب الأهلية بين اللبنانيين استعاراً، مع الأخذ في الإعتبار أنّ هذه الحرب اتخذت أوجهاً عدة:

 

بدأت فلسطينية – مسيحية،

 

أضحت مسلماً – مسيحياً،

 

تحوّلت الى مسيحي – مسيحي،

 

ثم شيعي- درزي (حزب العلمين)،

 

ومن ثم شيعي – شيعي،

 

والحرب بين الجيش والسوريين (حرب التحرير) بعد «اتفاق الطائف».

 

بهذا الاتفاق كان الإعتقاد أنّ الحروب انتهت، ولكن من أسف أنه لم ينفذ: فبقي الجيش السوري، وبقي القرار بيد سوريا: تعيّـن رئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة والوزراء والنواب والتدخل في الشاردة والواردة…

 

… إلى أن اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

وبعد ثلاثة أشهر انسحب السوري من لبنان وبقي وكلاؤه: سلاح «حزب الله»، الذي عمل في العام 2006 الحرب الإلهية تحت شعار تحرير الأسرى: فكانت النتيجة 5000 قتيل وجريح من الجيش والشعب في لبنان و15 مليار دولار خسائر… وكانت النتيجة الأهم إبعاد «حزب الله» 50 كيلومتراً عن الحدود مع فلسطين، فتحوّل السلاح الى الداخل، وجرى استخدامه في بيروت.

 

ومنذ ذلك الحين نعيش تحت ظل وسطوة هذا السلاح:

 

1- لا تتشكل حكومة إلاّ بعد رضا «حزب الله» والأخذ بشروطه، والواقع أنّ لكل مرحلة شروطها: حيناً يجب إرضاء العماد عون وتوزير صهره الذي رسب مرتين في الانتخابات، وحيناً آخر: الثلث المعطل، وحيناً ثالثاً: البيان الوزاري، ورابعاً: شعار ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

 

ولم تقتصر القصة على الحكومات بل ذهبت الى رئاسة الجمهورية، فكان التعطيل الطويل مرتين: قبل انتخابات ميشال سليمان وحتى انتخاب ميشال عون.

 

في آخر إطلالة تلفزيونية للرئيس عون (الاسبوع الماضي) قال بضرورة بحث الاستراتيجية الدفاعية، ويعني أنه لم يعد جائزاً وجود سلاح خارج سلاح الدولة، ومهما حاولنا التجميل ووضع الذرائع والحجج مثل حماية لبنان والدفاع عنه الخ… فهذه النقطة عليها خلاف كبير بين اللبنانيين، وإذا لم يتم الاتفاق على أن يكون السلاح ضمن الدولة نكون كلنا نكذب على بعضنا.

 

كانت «دولة» فلسطينية تحكم لبنان ثم دولة سورية حكمته، واليوم تحكمه إيران، وجميع القادة الإيرانيون أعلنوا انهم يسيطرون على 4 عواصم عربية (بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء).

 

وفي تقديرنا فإن الاستقلال الحقيقي يكون عندما يتم تنفيذ ما قاله الرئيس عون في المقابلة التلفزيونية عشية بداية السنة الثالثة من العهد.

 

عوني الكعكي