صحيح ان بعض اللبنانيين لم يستوعب الى الان ما كان عليه الرئيس الشهيد رفيق الحريري من قدرة وطاقة عمل سياسي وانمائي – اعماري. غير انه ازاء كل ما سبق قد حقق في موته الانجاز الاهم والابرز وهو الاستقلال وتحرير لبنان واستعادة السيادة من خلال مصرعه بطريقة لا سابقة لها في حياة الشعوب التي تكاد تفقد وجودها الا في حال كانت تضحية بالروح كما حصل مع الرئيس الشهيد يوم غادرنا مقابل غاية شريفة ونبيلة!
في الذكرى العاشرة لغيابه، لا يزال الرئيس رفيق الحريري مثالا في التضحية والوفاء لوطنه ولشعبه، وكأن السنوات العشر التي انقضت على الذكرى – الزلزال لا تزال ابنة ساعتها حيث ان كل شيء لا يزال على حاله من حاجة ملحة الى عمل انقاذي يعزز عوامل الاستقرار والسيادة والحرية وهي من الامور المنقوصة في الحياة العامة، طالما بقي اي عمل لا يصب في مصلحة الدولة ومؤسساتها وشعبها وسيادتها، وطالما استمر بعضهم في حال قطيعة مع السلطة لانها لا تحقق غاياته ومصالحه الشخصية والغريبة.
ان ما فعله الرئيس رفيق الحريري لجهة تكريسه الحرية والسيادة، وجده بعضهم وكأنه ليس في مصلحة الجهات التي كان على علاقة وطيدة معهم، علاقة مشبوهة لم تصب يوما في مصلحة الوطن والمواطن. وليس من ينسى ما كان الرئيس الشهيد يفعله في حال حصل اعتداء اسرائيلي غادر، حيث لم يتأخر في حركة عربية واوروبية لوقف العدوان وابعاد شبح الكوارث عن الارض اللبنانية؟!
عندما كان الرئيس رفيق الحريري يتصرف كرجل سياسة من طراز راق، كان يتساءل بدوره كرجل بناء واعمار وهي من الامور التي كانت تستهويه في زمن الردة العربية التي اثرت في مجالات كثيرة من عمر لبنان. اما الذين لا يريدون الاعتراف بما حققه الرجل وما كان بصدد تحقيقه، فانهم لا يزالون عالقين بين تفضيل مصالحهم على حساب المصلحة العامة!
ومن ابرز ما يصح قوله عن الراحل الكبير انه دفع ثمن جريمة اغتياله التي ينظر اليها اللبنانيون وكأنها من القضايا التي لم تكن تحصل لولا ما كان عليه الرئيس الحريري من استعداد مسبق لان يضحي بنفسه قياما بواجبه الانقاذي – الشمولي الذي ساوى بين حياته وبين استقلال لبنان وسيادته واستقراره، حيث يستحيل القول عما دفعه من ضريبة الدم التي لم يتأخر عن تأديتها على رغم معرفته بانه كان في مواجهة شذاذ افاق دأبوا على امتصاص خزينة الدولة ودماء اللبنانيين في وقت واحد!
ان دم رفيق الحريري لم يذهب هدرا، في مقابل استعادة لبنان سيادته وقراره الحر والذين لم يروا الى الان ماهية ما تحقق في الرابع عشر من شباط العام 2005، فلانهم لا يريدون الاعتراف بانهم استعادوا استقلالهم من خلال ابشع جريمة وابشع مؤامرة تعرض لها لبنان قديما وحاضرا، بدليل ما لا يزال يعانيه جراء تبعات العمالة للقاتل – الجاني الذي تنظر المحكمة الجنائية الدولية في فعلته التي لا يجوز ان تمر من دون عقاب بحجم ما ارتكبه من عمل دنيء سيضطر لان يدفع ثمنه من هناءة عيشه الكاذبة، ومن مزاعم سقطت واسقطته في هاوية حرب اهلية من المستحيل ان يبقى بعدها!
ان ما يقال عن دم الحريري يحتاج الى سنين طويلة من ردود الفعل التي فهمت حقيقة مجزرة 14 شباط 2005، خصوصا انها فعلة مستنكرة لا تليق بنظام شرس يمارس ابشع انواع القتل والسحل بحق شعبه وبحق كل من لا يرى رأيه ولا ينصاع الى اوامره القذرة التي طال اتكاله عليها، قبل ان يعرف ان ثمن زلزال 14 شباط اكبر من ان يدفعه من سمعة مغمسة بالدم طالما استمر في ممارستها الى حد قتل ما لا يقل عن مئتين وخمسين الف انسان، غير الذين قضوا في سجونه وهجروا حيث لم تعد تتوفر لهم سبل العيش العادي؟!
صحيح ان حزب الله قد اتهم بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، نيابة عن نظام بشار الاسد الذي يحاكم مباشرة كمجرم قذر لوث سمعة سوريا بالوحل وبالدم. غير ان من يدعي او يزعم انه لا يزال على علاقة مع نظامه فانه لن ينأى بنفسه عن الاتهام، قناعة منه انه اكبر من ان يحاكم على فعلة بحجم الحريري ومسلسل القتل والتفجير، الذي اعقب الجريمة المنكرة!
ليس من بوسعه القول ان حزب الله قد اخطأ في تعاطيه مع نظام فاشي اسمه بشار الاسد، لكن الاعتبارات التي تنطلق منها المحكمة الدولية تقاس بماهية الحدث – الزلزال الذي لولاه لما استعاد لبنان حريته واستقلاله. واي كلام اخر لا بد وان يصب في خانة تشويه الحقيقة التي تحتم على الجاني ان يدفع ثمن جريمته؟!