IMLebanon

لا اشتداد للأزمات بعد التمديد النووي وملفّات المنطقة لم تُطرح في المفاوضات

على رغم ان الاوهام لم تكن كبيرة حول الانتقال فورا بعد المفاوضات حول الملف النووي الايراني بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا وايران الى ملفات المنطقة حيث لإيران اوراق قوية في كل من العراق وسوريا في شكل خاص نظرا الى رفض متبادل اميركي – ايراني بوضع اي من هذه الملفات على طاولة البحث في موازاة التفاوض على النووي فيما لو ادت هذه المفاوضات الى نتيجة، فان تمديد هذه المفاوضات سبعة اشهر اضافية رسم علامات استفهام حول مآل الازمات المتفاقمة على وهج النووي الايراني. فعلامات الاستفهام ليست حول ارجاء ضمني مواز لفتح ملفات المنطقة ابتداء من سوريا مع ان الازمة السورية ليست موضوعة على سكة الحل في اي حال فحسب بل ايضا حول مخاوف من استمرار تفاقم الكباش الاقليمي. هذا ما يعتقده البعض على وقع الاعتقاد ان اشتداد وطأة الخلافات في المنطقة وتوسعها ارتكز في جزء كبير منه على واقع سعي ايران الى مقايضة التنازلات التي يمكن ان تقدمها في الملف النووي بالنفوذ الاقليمي الواسع الذي تسعى الى الحصول عليه وتثبيته، وان هناك ما يمكن ان تسعى اليه على صعيد مزيد من تأزيم الوضع في المنطقة من اجل تقوية موقعها التفاوضي. فعلى الاقل وبالاستناد الى الرسالة التي كشفت ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ارسلها اخيرا الى مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي والتي ربط فيها اي تعاون في ما خص تنظيم الدولة الاسلامية بالتوصل الى اتفاق نووي شامل، فان تمديد المفاوضات يعني من حيث المبدأ تأجيل هذا التعاون. كما انه من غير المحتمل ان يحصل اي تعاون بالنسبة الى الاقرار بدور لإيران بالمساعدة في الحل في سوريا في الوقت الذي تبرز انتقادات اكثر فاكثر للرئيس الاميركي على سياسته ازاء توجيه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة الاسلامية وتقديم خدمات مجانية لايران في كل من العراق وسوريا على هذا الصعيد، كما تقديم خدمات للنظام السوري على خلفية مساعي واشنطن الى عدم استفزاز ايران بغية التوصل الى انجاز في الملف النووي.

الا ان هذا الرأي يجد له موقفا قويا مناقضا اي ان توقع مزيد من التأزيم على وقع تمديد مفاوضات النووي ليس في محله على الاطلاق على رغم ما توحي به الامور. ويبني هذا الرأي اثباتاته انطلاقا من معطيات ومعلومات توافرت من مشاركين ديبلوماسيين رفيعي المستوى واساسيين في المفاوضات التي جرت تفيد اولا بان اي موضوع خارج النووي الايراني والعقوبات لم يكن على اي مستوى من البحث في اي مرحلة من المراحل. ما يعني ان المنطقة وملفاتها لم تكن على جدول البحث اطلاقا. يضاف الى ذلك ان ايران تستند في مقاربة تدخلها او توسعها في دول المنطقة على قاعدة ان لا سياسة اميركية واضحة بالنسبة الى دولها بحيث تهدد النفوذ الايراني ان في العراق او سوريا او اي مكان آخر وليس هناك ما يتهدد هذا النفوذ الايراني بحيث يمكن الاعتبار ان ايران مرتاحة الى وضعها على رغم الاحتكاكات القائمة بينها وبين المملكة العربية السعودية ودول الخليج في الدول المذكورة. فهناك تلاقي مصالح بين الولايات المتحدة في العراق حيث تستمر ايران في تنفيذ مصالحها كاملة، ولو حصل تغيير في الحكومة واستبدل نوري المالكي بحيدر العبادي، من دون ازعاج حقيقي من جانب الولايات المتحدة في الوقت الذي تستمر ايران في دعم بشار الاسد. ومن غير المتوقع ان تبدل هذه الاخيرة سياستها خصوصا في الوقت الذي يواجه الرئيس اوباما مزيدا من التخبط ازاء سياسته السورية ما ادى الى استقالة وزير الدفاع تشاك هاغل الذي قدمت رسالته الاعتراضية الى مستشارة الامن القومي سوزان رايس على مقاربة البيت الابيض للوضع في سوريا وخدمته النظام السوري كأحد ابرز اسباب دفعه الى الاستقالة. وهو ما يفيد وفق اصحاب هذه المعطيات بان لا حاجة الى توقع اشتداد الازمات في المنطقة على وقع التمديد للنووي الايراني بل بقاء الامور على حالها. يضاف الى ذلك امران احدهما هو واقع ان تمديد المفاوضات بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران كان امرا متوقعا على رغم كل المعطيات المخالفة نتيجة جملة عوامل من بينها تعثر المفاوضات في الاساس والتي في جوهر تعثرها التخبط الاميركي المعروف والذي شكلت استقالة هاغل ابرز مؤشراته علما ان وضع وزير الخارجية جون كيري قد لا يكون مريحا ايضا اضافة الى التصلب الفرنسي المستند الى الموقف السعودي ايضا في هذا الاطار. ويندرج من ضمن التعثر نفسه المزايدات الايرانية على رغم رغبة الايرانيين القوية في رفع العقوبات عن ايران الا ان المزايدات كبيرة جدا على غرار ما حدث مع سعيد جليلي في مفاوضات ايران حول النووي قبل اعوام. اما الامر الآخر الذي يستبعد مزيدا من التأزيم فهو مبني على معطى انه من غير المحتمل ان تعمد ايران وليس من مصلحتها الذهاب الى مزيد من الخربطة في المنطقة بخلفية تعزيز اوراقها التفاوضية في الملف النووي خلال الفترة المقبلة كمن ينتقم من تمديد المفاوضات ويعود ذلك لاعتبارات عدة من بينها ايضا عدم امكان ايران ابتزاز الولايات المتحدة في شأن دول المنطقة في الوقت الذي لا استراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة ولا تبدي اهتماما كبيرا بها خارج مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية واستقرار اسرائيل.