يؤكد احد زوار العاصمة الاميركية واشنطن ان مبادرة الرئيس سعد الحريري «الجدية» لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الاولى لا تتعدى بتفاصيلها ايقاع السعودية وباريس وان الكلام عن تفاهم دولي – اقليمي لايصال فرنجية الى القصر الجمهوري ليس في مكانه الصحيح، فالاستحقاق الرئاسي يأتي في اخر سلم اولويات الادارة الاميركية وان الضجيج السياسي الذي اثير اثر الاعلان عن مبادرة الحريري دفع بالقائم بالاعمال في السفارة الاميركية ريتشارد جونز لزيارة بنشعي في اليوم التالي على طريقة «الزوج اخر من يعلم» الوضع ادارته في الاجواء خصوصا ان التوافق الاقليمي بين المملكة وايران الممر الالزامي لصناعة الرئيس العتيد لم يتوفر حتى الان، وانه بموازاة الزلزال الذي ضرب مربعي 8 و14 آذار على خلفية المبادرة وصدّع بنيتيهما لا تزال اللامبالاة الدولية والاقليمية حيال الملف الرئاسي مستمرة حتى اشعار اخر كون الارهاب الذي يقض مضاجع الغرب الاوروبي واميركا يتصدر الاولوية في سلم اهتمامات الدول الكبرى الا ان الحسنة الوحيدة في ذلك تعطي فرصة يتيمة للقوى السياسية على الحلبة لاقفال ملف الشغور الرئاسي وهذه الفرصة لن تتوفر مرة اخرى بعدما اضاعت الاطراف المعنية فرصة سابقة.
واذا كانت مبادرة الحريري قد خلطت اوراق الجميع، فإن اللقاء امس بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية وضع الامور في اطار تحديد المسارات في التحالف بين الطرفين لا سيما ان الجنرال المعتصم بالصمت الذي انسحب على كتلته النيابية بطلب منه، يسجل في سره عتبا على حليفه فرنجية كونه لم يضعه في اجواء لقائه مع الحريري قبل ان يحصل، اضافة الى عدم اطلاعه على ما تم الاتفاق عليه بينهما في باريس وانه وفق اوساط المقربين من الرابية ان الحريري تعمّد تفخيخ مبادرته ليضرب فريق 8 آذار في موضع لم يكن متوقعا، فحتى الآن لم يفهم الجنرال كيف يمكن ترشيح فرنجية الذي يرتبط بعلاقة اهلية من ايام جده الراحل الرئيس سليمان فرنجية بآل الاسد ابا عن جد» من قبل الحريري بدفع سعودي، ويرفض ترشيحه وما هي الاسباب الحقيقية التي تقف وراء استعدائه من السعودية، علما انه اعترف «باتفاق الطائف» على قاعدة انه بات دستورا.
وتضيف الاوساط ان الهدف الاساسي من مبادرة الحريري الرئاسية يكمن في عودته الى رئاسة الحكومة طيلة ولاية فرنجية وفق رهانه والهروب من السلة الكاملة المطلوبة وفي طليعتها قانون الانتخاب الذي يرضي الحريري ويريح رئىس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط وان كلام فرنجية عن عدم حشر او ازعاج اي طائفة من الطوائف بقانون انتخابي وان رئيس الجمهورية لا علاقة له بوضع القانون الانتخابي كون المسألة من صلب مسؤولية مجلس النواب اثار هواجس عون كما اثار هواجس «حزب الله» الذي لن يلدغ من «دوحة» مرتين فاتفاق الدوحة الذي انهى الشغور الرئاسي في المرحلة السابقة والذي جاء نتيجة لاحداث 7 ايار لم يطابق حساب حقله بيدر الحزب الذي يعتبر انه «مان» على الجنرال آنذاك وتنازل عن «احقيته» فكانت النتائج عكس التوقعات اثر انقلاب من اوصله الحزب الى الكرسي الاولى عليه، ومن هذه الزاوية يتمسك «حزب الله» بترشيح عون بشدة ولكنه لن يقف حجرة عثرة اذا ما اقنع فرنجية الجنرال بالانسحاب لصالحه في وقت تراهن فيه بنشعي على ان يقابلها عون بالتنحي، كون «البيك» دعم ترشيح الجنرال منذ عام و7 اشهر وان عليه ان يرد الجميل طالما ان فرنجية يشكل استمرارية لمشروع الجنرال. ويبقى السؤال هل يستطيع من يصل الى الرئاسة الان الالتزام بفريقه السياسي كون الرئيس هو الحكم بين الافرقاء وفق الدستور؟