IMLebanon

لا اتفاق إيراني – أميركي من دون السُنّة

غداً الجمعة ينتخب الإيرانيون أعضاء مجلس الشورى (النواب) ومجلس الخبراء الذي من أبرز مهماته انتخاب المرشد والولي الفقيه. وفي انتظار انتهاء الانتخابات حفلت وسائل الإعلام الغربية والعربية بتحليلات تتحدّث عن حدة الصراع الدائر في إيران الإسلامية بين فريقي الإصلاحيين والمتشددين، وتعتبر أن فوز أحدهما على الآخر سيشكل منعطفاً داخلياً مهماً وستكون له تأثيراته على الخارج. فسيطرة الإصلاحيين على مجلس الشورى سيقوي الرئيس المعتدل الشيخ حسين روحاني، ويمكّنه من متابعة الانفتاح على الغرب وأميركا، ومن استكمال إعادة بلاده إلى المجتمع الدولي. أما بقاؤه تحت سيطرة المتشددين مع مجلس خبراء محافظ، فمن شأنه تعقيد تطبيع العلاقة بين واشنطن وطهران، وإضاعة فرص حلّ الأزمات السورية واليمنية والعراقية وزيادة تورّط إيران فيها. ذلك أن الحوار حول القضايا الإقليمية مع أميركا هو الذي يُبقي هذه الفرص موجودة، والمرشد والولي الفقيه آية الله السيد علي خامنئي لا يزال يرفض ذلك.

هل هذه الانطباعات الغربية والعربية المُكوَّنة عن الداخل دقيقة؟ أم أن هناك عملية توزيع أدوار داخل النظام الايراني، باعتبار أن الإصلاحيين والمتشددين ينتمون إلى النظام الإسلامي الحاكم؟

يعطي متابع من قرب أوضاع إيران وتطوراتها رأيه في ما يثيره السؤالان فيقول إن وجود التيارين المُشار إليهما أمر طبيعي في إيران. فلكل منهما آراء وتصوّرات واقتراحات حلول تختلف عن ما عند الآخر منها. لكن ليس هناك نزاعاً بينهما يهدّد النظام وتجربته المستمرة منذ عام 1979. وقد يكون أحد أبرز أسباب حملة المتشدَّدين على الاتفاق النووي الذي وقّعته دولتهم مع المجموعة الدولية 5+1، خوفهم من زيادته شعبية الإصلاحيين، وتالياً من فوزهم بالغالبية في مجلس الشورى وربما في غيره. ويعني ذلك أن الاتفاق المذكور “مشي وصار وراءنا”. وكلام الولي الفقيه خامنئي والرئيس روحاني يشي بذلك. لكن التغيير السريع في الداخل مستحيل لأن انعكاساته خطيرة على النظام. ولذلك فإنه يتحرّك في أكثر من اتجاه ويتمسّك بثوابته ويتابع معاركه، وخصوصاً مع الخارج وفيه. فإذا ربحها يفاوض أميركا من فوق، وإذا عجز عن ذلك يتفاهم معها على تسويات. وهو واثق من ذلك لأنه يعرف أن لا مصلحة لأميركا في تدمير إيران ولا في التخلي عنها. في أي حال، يضيف المتابع من قرب نفسه، لقد أفرزت الجمهورية الإسلامية نظام الحزبين في صورة طبيعية وهو يحظى بتأييد تياري الإصلاح والتشدد. وأكثرية شعب إيران تؤيد الانفتاح على أميركا. والنظام الحاكم لا يمانع في ذلك، لكنه يريد المحافظة على نفسه وعلى القيم الإسلامية، ومن هنا كان تركيز المرشد خامنئي منذ الاتفاق النووي على ضرورة تلافي الغزو الثقافي. ذلك أنه يعرف آثار الانفتاح غير المدروس على الغرب والاستعانة بصناعاته وإمكاناته وثقافاته. ويعرف أيضاً أن ذلك سيفتح البلاد لتيارات جديدة. ويعني ذلك كله اعترافاً غير مباشر بأن “الاتفاق النووي” مشى وبأن الاستعدادات للمستقبل ناشطة جداً. وهذا أمر قد يوصل إيران في مرحلة معينة إلى اتخاذ اجراءات تزيل الأخطاء التي ارتُكبت أو تنهي مفاعيلها سياسية وغير سياسية ومنها اليمن. إذ أن الأكثر أهمية هو استمرار النظام. وتأكيداً على ذلك كله ينقل المتابع نفسه كلاماً عن ضابط كبير في “الحرس الثوري” أبرزه الآتي: “نحن (الحرس) أُنشئنا لحماية الثورة في إيران ونظامها. وهذا مستمر على رغم تدخلنا في الخارج. وداخل إيران حصل دائماً تداول سلطة بين المتشددين (محمود أحمدي نجاد) واليساريين الإسلاميين (محمد خاتمي) واليمينيين الاسلاميين (هاشمي رفسنجاني) والاصلاحيين المعتدلين (حسن روحاني). فالهدف تحقَّق والجميع يعترفون به. لكن مقتضيات التنافس في المعركة الانتخابية تقتضي استعمال كل الأسلحة للفوز فيها. الرئيس روحاني سينتخب لولاية ثانية. ومجلس الشورى ستكون غالبيته إصلاحية. ومجلس الخبراء ستكون غالبيته للمتشددين، الثورة نجحت وأسست نظاماً ناجحاً منذ 36 سنة، ويجب حمايته”. وينهي القريب نفسه رأيه بالتأكيد على انفتاح إيران على الهند والصين وعلى الشرق لأنه مفيد لها، ولأن لا خلافات “بيننا” وبين البوذية والهندوسية. فالصين دولة كبرى تحتاج إلينا ونحتاج إليها. لكن التكنولوجيا والنفوذ مع أميركا حتى الآن على الأقل.

هل يمكن توقّع اتفاق إيراني – أميركي؟ سألتُ. أجاب: قد يحتاج إلى وقت، لكن لا مجال في رأيي لاتفاق لا مكان فيه للسُنّة وخصوصاً العرب منهم بصرف النظر عن المتطرّف السنّي والشيعي، لأن غيابهم يزعزع استقرار العالم.