لا تبريرات لتفجير جبل محسن بل أجندة خاصة بالمنفّذين مجلس الوزراء اليوم: خطة النفايات معدّلة وتمديد لـ”سوكلين”
فيما كانت باريس تستقطب أمس أكبر مشهدية سياسية وشعبية تعبيراً عن رفض الارهاب، كان رئيس الحكومة تمام سلام يترأس إجتماعاً أمنياً طارئاً لوزراء الدفاع والداخلية والعدل وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية من أجل البحث في تداعيات التفجير الانتحاري الذي استهدف منطقة جبل محسن اول من أمس موقعا تسع ضحايا واكثر من خمسين جريحاً.
القاسم الذي يجمع بين الحدثين- رغم التفاوت ربما في الأسباب والدوافع والأهداف – هو ان ما شهدته فرنسا أخيراً ويشهده لبنان على مراحل متفاوتة، يتمثل بالجرائم الإرهابية التي تنفذ بإسم الإسلام وعلى يد التنظيمات والمجموعات عينها.
فبعد نحو شهرين من الهدوء النسبي، عاد لبنان اول من امس ليكون مسرحا للعمليات الانتحارية، ليطرح السؤال مجدداً عن إحتمال العودة الى مثل هذه العمليات في ظل معلومات متوافرة لدى الأجهزة الأمنية عن استهدافات قد تطال مناطق أخرى.
لا تقلل هذه المراجع من أهمية تفجير جبل محسن، مؤكدة انه مؤشر لمرحلة أمنية جديدة غير مريحة. لكنها على رغم إنزعاجها من عودة التفجيرات، ليس قلقة في ظل وجود قرار سياسي واحد لدى كل القوى السياسية بعدم السماح بتفاوت الوضع الأمني تحت أي عنوان أو ذريعة. وهذا ما يعني في نظرها ان الوضع الأمني سيظل ممسوكاً رغم ما قد يشهده من اختراقات، يخشى ان تكون مناطق لبنانية أخرى مسرحاً لها.
ومع إنطلاق الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، بدا ان التفجير الانتحاري جاء ليستهدف هذا الحوار، وخصوصا بعدما بدأت المحادثات الثنائية تقارب الوضع الأمني في إطار البحث في الخطوات الجدية الكفيلة بتنفيس الاحتقان المذهبي من خلال العمل على توفير الغطاء السياسي لاستكمال تنفيذ الخطة الأمنية. وكان الكلام المطمئن الأخير الصادر عن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، أوحى في شكل جلي ان الحزب سيسهل تنفيذ الخطة في بعض مناطق نفوذه.
وفي رأي مصادر سياسية مواكبة ان التفجير الأخير يوجه رسالة مفادها ان تنفيس الاحتقان وسحب فتيل الفتنة لا يكون حصراً بالحوار بين “المستقبل” والحزب. إذ لا يكفي ان يتحاور الفريقان فيما فريق ثالث يقوم بتزكية الاحتقان. ولعلّ المطلوب في رأي هذه المصادر ان يتوجه الحوار مع الحزب الى تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” اللذين يشكلان رأس الحربة في الحرب مع حزب الله والنظام السوري. وبدا واضحاً لهذه المصادر ان استهداف جبل محسن هو استهداف لواحدة مما وصفها بـ” بؤر النظام السوري المتفلتة”.
للمراجع الأمنية البارزة قراءة مغايرة، لا تربط بين التفجير والحوار السني – الشيعي. وتقول ان لا تبريرات داخلية لما حصل باعتبار ان المجموعات الإرهابية تعمل وفق أجندة خاصة بها، وهي تنشط ضمن خلايا عنقودية تتلقى الأوامر من القاعدة المركزية ومن ثم تتحرك وفق الزمان والمكان اللذين ترتئيهما، انطلاقا من هامش التحرك والحرية المتاح لها.
لكن المراجع لا تقلل من المسؤولية المضاعفة على القوى السياسية، وتحديدا على ركني الحوار الثنائي لجهة الأخذ بجدية بالمخاطر والمحاذير الأمنية التي تهدد البلاد في هذه المرحلة الخطيرة من الحرب على الارهاب، ولا سيما بعد التفجير الباريسي.
وإذا كان الوضع الأمني قد فرض نفسه بندا متقدما على أي اهتمام سياسي آخر، بما في ذلك الملفات الحكومية الخلافية، فإن مصادر وزارية أكدت لـ”النهار” ان مجلس الوزراء سيتناول الموضوع الأمني من زاوية ما حصل أخيرا، لكنه لن يكون بندا وحيدا، باعتبار ان الاجتماع الأمني المسائي كفيل بإيلاء الملف الاهتمام الأقصى، وهو مؤهل لإتخاذ الإجراءات العملانية إنطلاقا من التكليف السياسي المعطى له من مجلس الوزراء، على ان يطلع رئيس الحكومة والوزراء المعنيون مجلس الوزراء على المداولات. وفهم ان مجلس الوزراء سيستكمل البحث من حيث توقفت الجلسة الماضية، أي عند ملف النفايات. وتوقعت المصادر ان يتخذ التعامل مع هذا الملف بعدا آخر بعد عودة الهاجس الأمني ليشغل الساحة السياسية، بحيث ينتظر ان يتم التعامل بمسؤولية أكبر مع هذه القنبلة الاجتماعية التي تهدد لبنان بمعزل عن الحسابات الشخصية والسياسية، على ما كشفت المصادر الوزارية، مشيرة الى ان الحكومة متجهة اليوم الى إقرار الخطة معدلة مع تمديد “تقني” لشركة “سوكلين” لا يقل عن ستة اشهر حتى إنجاز مناقصة التلزيم الجديدة وفض العروض وبدء الإنشاءات الجديدة المطلوبة. علما ان مجلس الوزراء لن ينتقل الى البحث في أي موضوع آخر قبل بت هذا الملف على ما أوضحت مصادر في رئاسة الحكومة، مرجحة اعتماد التصويت بالنسبة الى الخطة كما التمديد لـ”سوكلين”.