أعاد الرئيس نبيه بري، أمس، الكرّة إلى ملعب «القوات» و«التيار الوطني الحر». من يشترط أن يكون قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمال الجلسة التشريعية فعليه أن يقدّم صيغة متوافقاً عليها من أكثرية الكتل. وهو لذلك، أجّل اجتماع هيئة مكتب المجلس أسبوعاً قبل الغوص في جدول أعمال الضرورة، معطياً الوقت لمختلف الأطراف علّهم يتفقون على رؤية موحدة لقانون انتخاب يمكن أن يشكّل أرضية النقاش في الهيئة العامة.
وبالفعل، لم يتأخر «التيار» قبل أن يتلقف الكرة، مرحباً بتريث بري، ومبادراً إلى حث كل «الكتل» على استعادة تجربة الجلسة التشريعية الأخيرة. فقد دعا النائب ابراهيم كنعان، عبر «السفير»، إلى تكرار تجربة قانون استعادة الجنسية، حيث اجتمع ممثلون عن كل الكتل النيابية، على مدى ثلاثة أيام، توّجوها في النهاية بصيغة مقبولة من الجميع. ويرى كنعان أن الوصول إلى قانون انتخاب جديد أمر ممكن، لكنه يتطلب أولاً وجود إرادة للحل لدى الجميع.
تلك الإرادة لم تكن متوفرة على مدى السنوات الست التي طرح فيها القانون الانتخابي على النقاش، فهل تغيرت النيات اليوم؟
كثر من النواب متيقنون أن شيئاً لم يتغير في العقلية المتحكمة بالنقاشات. وما دام كل طرف يشعر أن زمن الجد لم يأت بعد، فلن يكون مستعداً لتقديم أي تنازل. وهو الأمر الذي بدا جلياً في اجتماعات لجنة التواصل الانتخابي التي لم تتمكن من تحقيق أي إنجاز. وحتى الحراك الذي ينجز على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لم يساهم في تحريك المياه الراكدة لقانون الانتخاب، بالرغم من تلميح كثر إلى أنها الفرصة الذهبية للحصول على تنازلات محدودة من «التيار الوطني الحر»، كجزء من سلة التفاهمات التي لا بد منها، إذا ما سارت الأمور كما يشتهي ميشال عون.
لكن بانتظار إعلان سعد الحريري لتأييده ترشيح عون رسمياً، يبدو جلياً بالنسبة لأكثر من نائب أن 18 الجاري لن يكون مناسبة للحل بل مناسبة لمزيد من التأزيم، خاصة مع حسم «التيار» و«القوات» موقفهما: لا جلسة تشريعية من دون قانون انتخاب.
وفيما يؤكد عضو مكتب المجلس النائب أحمد فتفت أولوية قانون الانتخاب في أي جلسة تشريعية، خاصة بعدما سبق للرئيس سعد الحريري أن تعهد بأن لا يشارك في أي جلسة لا يكون قانون الانتخاب على رأس جدول أعمالها، إلا أنه يقول إن المشكلة ترتبط بعدم وجود مشروع منجز بحده الأدنى، يتم استكمال نقاشه في الهيئة العامة ومن ثم التصويت عليه.
لكن «القوات» و«التيار»، اللذين نقل النائب انطوان زهرا موقفهما المصر على أولوية قانون الانتخاب في أي ورشة تشريعية، يدعوان إلى إنهاء حالة المراوحة، إما من خلال ورشة عمل لا تنتهي إلا بالاتفاق على القانون، أو بطرح الاقتراحات التي كانت تتمحور حولها النقاشات في اللجان، أي الاقتراح المختلط المقدم من «القوات» و«المستقبل» و«الاشتراكي» والمشروع المختلط المقدم من الرئيس نبيه بري أو الاقتراح المقدم من «تكتل التغيير» (15 دائرة على أساس النسبية)، والذي يحظى بموافقة أكثر من طرف، كونه مشابهاً للمشروع الذي أقرّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وحظي حينها بتأييد «حزب الله» و«أمل» و«الاشتراكي»، إلى جانب «التيار».
وفيما يبدو جلياً أن القانون المختلط صار الأكثر قبولاً بين الكتل النيابية، فإن كثراً شاركوا في النقاشات يعتبرون أنه ليس صعباً، تقنياً، الوصول إلى قانون يوفّق بين الاقتراحين المتداولين، علماً أن ثمة معلومات تؤكد أن «القوات» و«التيار» اتفقا على صيغة انتخابية، تشكل حلاً وسطاً بين الاقتراحين المختلطين. أضف إلى أن «التيار» سبق أن وافق على اقتراح بري (إجراء الانتخابات على مرحلتين)، ما يعني أن «التيار» أمام ثلاث صيغ «مقبولة» لقانون الانتخاب، من دون أن يعني ذلك أنه ليس مستعداً للنقاش في غيرها.
وعلى حد قول عضو هيئة مكتب المجلس النائب ميشال موسى، فإنه لا بد من انتظار 18 الجاري، حيث سيعقد الاجتماع الثاني لهيئة مكتب المجلس، بعد جلسة انتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية وأعضاء هيئة مكتب المجلس، لتبيان الخيط الأبيض من الأسود. علماً أنه تبين أن عدد مشاريع واقتراحات القوانين المحالة من اللجان إلى الهيئة العامة يصل إلى نحو 45، يضاف إليها نحو 40 اقتراح قانون معجل مكرر، ستختار الهيئة من بينها ما تراه يتناسب و«تشريع الضرورة»، وهي في معظمها تتمحور حول قضايا مالية.
تغريدة كادت تقلب الموازين!
هي تغريدة من 8 كلمات لا أكثر ولا أقلّ، وهي بالأحرى تذكير بما قاله وزير الخارجيّة السعوديّ الراحل الأمير سعود الفيصل: «جان عبيد حكيمنا جميعاً وحكيم وزراء الخارجيّة العرب».
ومع ذلك، كادت تغريدة القائم بأعمال السفارة السعوديّة في لبنان وليد بخاري أن تقلب الأمور رأساً على عقب، لتُمرّر على الـ«سكانر» السياسيّة وتبدأ الاتصالات العابرة للحدود للسؤال عمّا إذا كانت هذه التّغريدة مجرّد استعادة أم أنّها تحمل في طياتها رسالة سياسيّة ما.
شعر البخاري بما جنت تغريدته المسائية ليتبعها بأخرى توضيحيّة، مشيراً إلى أنّها «كانت في إطار توثيق سلسلة من الأقوال المأثورة للفيصل، ولا تحتمل الكثير من الاجتهادات».
لم ينفع التّوضيح، فما كان من البخاري إلّا أن حذف التغريدة الأولى مع توضيح جديد، قائلاً: «بسبب سوء تفسيرها وخروجها عن مقاصدها».
يبدو أنّ البخاري ندم على اللحظة التي قرّر فيها العودة إلى «الأرشيف»، إذ تبين أنه قدم دليلا جديدا على إرباك المملكة والناطقين باسمها في الخارج.